وقد زعم قوم أن هذا من اتفاق الخواطر وتساوي الضمائر وبازاء هذه الدعوى أن يقال بل سمع: فاتبع. والأمران شائعان والأولى أن يكون ذلك مسروقًا لأنا قد رأينا لهذين الشاعرين ما لم تدع فيه موافقة، وهو قول امرئ القيس:
وعَنْس كألواح الأرانِ نَسأتُها ... على لاحبٍ كالبُرْد ذي الحِبراتِ
وقال طرفة:
أمُونٍ كألواحِ الأَرَان نسأتها ... على لاحبٍ كأنه ظَهرُ بُرْجُدِ
فإن جوزوا أن يكون هذا مسروقًا فذاك مثله ودعوى الاتفاق في البيتين الأولين ينبغي من حاضر صنعة القصيدتين وقت صنعهما شاعراهما فخبر، بأنّ الزمان في قولهما وظهورهما للناس واحد وأن المكان الذي حضرا فيه وحضر معهما واحد وإلا فما يصل دعواه إلى إيضاح برهان كما لا نقطع عليهما نحن ببطلان، ومن ذلك قول الحطيئة:
إذا حُدّثتْ أَنَّ الذي بي قاتِلي ... مِن الحبِّ قَالتْ: ثابِتٌ وَيزيد
1 / 133