كانت زائدة في الأكثر، ممّا عُرف له اشتقاق، حُمِل ما لم يُعرف له اشتقاقٌ من ذلك على ما عُرف اشتقاقه. [وذلك] ١ نحو: مِذرًى٢ والمِذرَوَينِ.
فإِن٣ قيل: وما الدليلُ على أَصالة الميم في ستَّة الألفاظ المذكورة؟ فالجواب أنَّ الذي يدلُّ على أصالة الميم في مِعزًى أنهم يقولون٤: مَعْزٌ، فيحذفون الألف. ولو كانت الميم فيه زائدة٥ لقالوا "عَزْيٌ"٦.
فإِن قيل٧: إِنَّ المِعزى أعجميٌّ، وقد تَقدَّم أنَّ الأعجميَّ لا يدخله تصريف. فالجواب أنَّ ما كان من الأعجميَّة نكرة فإِنه قد يدخله التَّصريفُ؛ لأنه محكومٌ له بحكم العربيّ، بدلالة أنَّ هذا النوع من العُجمة لا يمنع الصَّرفَ٨، بخلاف العُجمة الشخصيّة. وسبب ذلك أنها أسماء نكرات –والنكرات هي الأُوَل- وإِنَّما٩ تمكَّنت بدخول الألف واللَّام عليها، كما تدخل على الأسماء العربيَّة.
ويدُلُّ على أنهم قد أَجروها مُجرى العربيّ أنهم قد اشتقُّوا منها، كما يَشتقُّون من العربيّ. قال رؤبة١٠:
هَل يُنجِيَنِّي حَلِفٌ سِختِيتُ ... أو فِضَّةٌ، أو ذَهَبٌ كِبرِيتُ؟
فقال "سِختِيت" من السَّخْتِ وهو الشديد، وهو أعجميٌّ.
والذي يدلُّ على أصالة الميم في مَعَدٍّ١١ أنهم يقولون: تَمَعدَدَ الرَّجلُ، إِذا تكلَّم بكلام مَعَدٍّ، وقيل: إِذا كان على خُلُق معدّ. [٢٤أ] والميم في "تمعدَد" أصليَّةٌ؛ لأنَّ "تَمَفعَلَ" قليل، نحو ما ذكرنا١٢ من قولهم: تَمَسكَنَ وتَمَدرَعَ، والأحسنُ: تَسَكَّنَ وتَدَرَّعَ. ومَعَدٌّ هذا –أعني اسم القبيلة-