Raja-Raja Tawaif dan Tinjauan dalam Sejarah Islam
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Genre-genre
بعد هذه الحالة التي تبين إسفاف ابن عمار في المنزلة وسقوطه إلى هذا الحد، ساعده الحظ وانتهى به صعود الجد إلى أن جعله المعتمد - حين صار الأمر إليه - واليا على «شلب» وأعمالها، فدخلها يومئذ في موكب ضخم وعبيد وحشم.
لم تمح من ذاكرة المعتمد تلك الإقامة الساحرة، والأيام الجميلة والأوقات المرحة التي قضاها بشلب حيث كان معظم أهلها يقرضون الشعر، وحيث كانت تلك المدينة وما زالت تعرف حتى الآن بفردوس البرتغال.
في تلك الآونة لم يكن قلب المعتمد قد تفتح للحب بعد، وقد وقعت له بعض وساوس وتخيلات غرامية لم تلبث أن تلاشت دون أن تدع في قلبه مجالا للاسترسال فيها، وإلى جانب هذا كان يحتفظ بعهد الصداقة الملتهبة التي بينه وبين وزيره ابن عمار ويستسلم لهذه العاطفة القاهرة التي لم يزاحمها أي ميل آخر إلى آخر لحظة.
لم ينشأ ابن عمار نشأة الأمير في بحبوحة الترف، وغضارة العيش، ونضارة السعادة، وفخامة الملك، بل نشأ على النقيض من ذلك - منذ فجر حياته - تكافحه الأيام وتقل من غربه، وتثبط من همته وعزمه، وترميه الظروف القاسية بخيبة الآمال، ورقة الحال، فكان لهذا أقل مرحا، وأقل سرورا وضحكا ، وأقل فتوة وشبابا، ولكنه فوق هذا كان شاكا مرتابا ساخرا في بعض نواحيه.
حدث أن الصديقين ذهبا إلى المسجد يوم الجمعة، والمؤذن يعلن الناس بحضورهم وقت الصلاة، فطرح المعتمد على صديقه شطرا من الشعر فأجازه، وثانيا فأجازه، وثالثا فأجازه، وكانت معاني الشعر تدور حول أن المعتمد يرجو للمؤذن المغفرة لإقراره بالشهادة وتصديقه بالرسالة، وابن عمار يسخر في شعره من المؤذن، ويشك في مطابقة إقراره باللسان، لما ينطوي عليه الجنان.
إن هذا يعد من ابن عمار غريبا، وهو يفسر لنا مبلغ شكه، وعدم ثقته بالناس حيث عرفهم وخبرهم، ولهذا كان يشك حتى في الصداقة الحميمة البالغة التي يكنها له الأمير الشاب في نفسه، والتي لم تنفع كل المحاولات التي كان يحاول بها الأمير أن يزيل ما علق بنفس صديقه من شكوك وريب، وخاصة في مجالس الأنس والأوقات التي تتطلب المرح والسرور فإنه كان يرى فيها يائسا حزينا.
ويروون في هذا الصدد حادثة عجيبة، ونادرة غريبة، حرية بالتحقيق والتمحيص، ولكن يظهر - على كل حال - أن لها ظلا من الحقيقة، لأن هذه القصة تقوم على صحتها الشهادات القيمة التي تروى عن المعتمد وابن عمار
1
أنفسهما.
قيل إن المعتمد دعا ابن عمار ليسمر معه ذات ليلة، وبالغ في إكرامه وملاطفته فوق العادة، فإنه لما ارفض المجلس استبقاه المعتمد واستحلفه أن ينام معه تلك الليلة على وساد واحد، وألح عليه في ذلك، فقبل مكرها واستسلم نزولا على إرادته، ولكنه ما عتم أن نام حتى سمع هاتفا يقول له: أيها التعس! إن هذا الذي تنام معه على فراش واحد لا محالة قاتلك. فهب من نومه فزعا وقد تملكه الرعب، ولكنه قاوم هذا الحلم المروع، وطارد تلك الفكرة السوداء وعزاها إلى تأثير النبيذ، ثم رقد ثانية، فعاوده ذلك الحلم المشئوم مرة ثانية وثالثة.
Halaman tidak diketahui