Raja-Raja Tawaif dan Tinjauan dalam Sejarah Islam
ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام
Genre-genre
لهذا كانت الحرب مع الغرناطيين تعد في نظر العرب حربا دينية مما حملهم على مقاتلتهم بمنتهى الشدة حتى اضطروهم إلى التقهقر والارتداد إلى حيث يقيم أبناء جلدتهم، وقد ساءت حال أولئك المهاجرين البائسين إذ لم يسمح لهم المعتضد بالعودة إلى دورهم وبلادهم حين رأى باديس أن يحلوا عن غرناطة إلى مساكنهم الأصلية التي لا مندوحة لهم عن العودة إليها، فاضطروا إلى أن يجوزوا بحر الزقاق إلى سبتة ولم يشأ «سقوت» أمير هذه الجهة أن يكون لهم فيها بقاء، وهكذا كانوا يطردون - حيثما حلوا، وأينما ارتحلوا - في وقت تفشت فيه المجاعة بإفريقية مما أدى إلى هلاكهم جميعا.
وبعد هذه النكبة التي حلت بالبربر وجه المعتضد جنده ضد القاسم بن حمود أمير الجزيرة، وكان أضعف أمراء البربر فلم يسعه إلا أن يدخل في طاعة المعتضد ويطلب منه العفو، فأجاز له أن يتحول إلى قرطبة فرحل إليها وأقام بها (1085). •••
ولما تم للمعتضد هذا الانتصار الباهر رأى أن الوقت قد حان لإتمام الدور التمثيلي الذي لعبه حتى الآن أسوة بأبيه من قبل، فطوعت له نفسه أن يعلن أن هشاما الثاني المزعوم، والذي قد مات وعلم الناس قاطبة بوفاته لا يزال على قيد الحياة.
على أنه لم تكن ثمة أسباب تدعو والده إلى إثارة مسألة الخلافة بانتحال هذا الاسم، فإن الناس جميعا قد اقتنعوا - في ذلك الحين - باستحالة الرجوع إلى الماضي، والعودة إلى نظام الجماعة، وقد دلت التجارب على أن الخلافة قد سقطت بحيث لم يبق أمل في أن تقوم لها فيما بعد قائمة، وعلى هذا فقد أصبح في قلعة رباح شخص لا خطر له، ولا يترتب على وجوده أية فائدة.
ويجوز أن هذا الرجل الذي اختفى من سنين عديدة ولم يره أحد - لا من عامة الشعب، ولا من حاشية القصر - قد مات، أو أن المعتضد قد تضايق منه فأمر بقتله - كما تحقق ذلك بعض الأخبار - وليس في وسعنا أن نجزم بشيء في هذا الصدد؛ لأن أمير إشبيلية يعرف كيف يحيط أعماله بالأسرار الغامضة، وقد حدث أنه في سنة 1059 جمع رجال الدولة، ونعى لهم هشاما الذي مات من فالج أصابه، ولكنه أمر ألا يذاع خبر الوفاة ما دام في حروب مع جيرانه، أما الآن وهو في حالة سلم مع البلاد المجاورة، فقد أمر بدفن رفات أسير قلعة رباح باحتفال مشى فيه رجال الدولة، ومشى هو في الجنازة باعتباره الحاجب؛ أي: الوزير الأول، مترجلا وبدون طيلسان، وأرسل البرد بنعي هذا الخليفة إلى حلفائه في شرق الأندلس، وطلب إليهم اختيار خليفة جديد ليبايعوه، ولم يفكر أحد في ذلك بطبيعة الحال، فزعم أن الخليفة الراحل عهد إليه أن يكون أميرا على كل بلاد الأندلس من بعده، ومن المحقق أنه كان يعمل على إدراك هذا الغرض، وأن جميع جهوده كانت موجهة إليه، وقد توجهت نفسه الآن للاستيلاء على قرطبة عاصمة المملكة القديمة، ولم يدر ما كان يخبؤه له القدر من فشل وخذلان، وذلك أن جنوده أغاروا عدة إغارات على بعض الجهات التابعة لقرطبة، وانضم إلى ذلك أنه أمر ابنه إسماعيل قائد جيشه أن يستولي على مدينة الزهراء التي دمر نصفها البربر، فقابل أمره بشيء من الاستياء والامتعاض والتبرم والاعتراض، وكان قد بدأ منذ زمن يظهر الكراهة والاشمئزاز من أبيه، ويشكو قسوته وظلمه، ويرميه بأنه كان يقحم به على الأهوال والأخطار، ويعرضه لمواقع الهلكة، إذ كان يأبى في المعارك الكبيرة، وحصار المعاقل المنيعة، أن يمده بالعدد الكافي من الجند، وفوق هذا فقد حرك في نفسه عوامل الاستيلاء والبغض رجل أفاقي يدعى أبا عبد الله البرزيلي كان قد رحل من مالقة عندما استولى عليها باديس، وكان يطمع أن يكون حاجبا لأي أمير، فأثار في نفس إسماعيل فكرة الثورة على أبيه، وأوعز إليه أن يؤسس لنفسه مملكة مستقلة في جهة أخرى كالجزيرة الخضراء، وقد أتيحت للرجل أسباب النجاح إذ أظهر إسماعيل في الوقت الذي أمر فيه بالزحف على قرطبة منتهى ما يكون من الامتعاض والهياج؛ لأنه طلب من أبيه أن يمده بالعدد الذي يلزمه من الجند فأبى ، وعبثا حاول إسماعيل أن يقنعه بأن ما معه من الجند لا يكفي للزحف على ولاية كقرطبة، وبأن باديس لا بد آت لمساعدة أهلها كما فعل ذلك سابقا، وأنه إذا جاء لمعاونتهم ما دام محالفا لهم، فإنه حينئذ يضع نفسه بين نارين، ويكون مضطرا لمنازلة عدوين، فلم يصغ المعتضد إليه، بل كان في أشد حالات الغضب على ابنه، ودعاه بالجبان، وهدده بالقتل، وكان على وشك أن يبرز ذلك من حيز القول إلى حيز الفعل وأفضى إليه بقوله: «إذا لم تطع قولي، وأظهرت الخلاف علي، فإني مضطر لا محالة أن آمر بضرب عنقك.» •••
فجرحت هذه الكلمات إسماعيل في صميم نفسه، وهاج به هائج الغضب، ودفعه حرج الموقف إلى المضي في الخطة الرهيبة التي رسمها لنفسه، ولكنه جاء إلى البرزيلي ليشير عليه بما يمكن عمله، فكان من السهل على هذا أن يقول له: «إنه قد حانت الساعة لتنفيذ الخطة التي أدليت بها إليك.»
وبعد مضي يومين من سفر إسماعيل على رأس الجيش من إشبيلية بلغ رؤساء الجند أن قد ورد عليه نبأ من أبيه أن يأمره فيه بالعودة لمقابلته ليفضي إليه بأمر هام.
وقفل راجعا مع البرزيلي وثلاثين فارسا من فرسان الحرس إلى إشبيلية ولم يكن المعتضد في هذا الوقت بقصر الإمارة الحصين، بل كان قد تحول إلى قصر الزاهر الواقع على الضفة المقابلة من النهر، وآنس إسماعيل قلة الحامية والحراس، فاستولى عليه ليلا، وحمل ما فيه من كنوز ونفائس على ظهور البغال، ولكي يحول دون أن يعبر أحد النهر إلى «قصر الزاهر» لإبلاغ أبيه الحادث أمر بإغراق الزوارق الراسية تجاه الحصن، وتمكن من أخذ والدته ونساء القصر، ومضى لا يلوي على شيء في طريقه إلى الجزيرة الخضراء، وعلى الرغم من مبالغته في التكتم، وشدة الحذر والخوف من أن يصل نبأ هذا الحادث إلى أسماع أبيه، تسرب الخبر إلى أبيه من أحد فرسان ولده؛ لأنه لم يرضه هذا العمل، فاقتحم نهر الوادي الكبير سباحة وأبلغه الحادث في الحال.
فأنفذ المعتضد في أثره كتائب من الفرسان، وأرسل رسله إلى حكام حصونه في الوقت المناسب، فأوصدوا أبواب القصور التي في طريقه في وجهه، وخشي إسماعيل من تألب أصحاب القصور عليه، فلجأ إلى واحد منهم اسمه «حصادي» وهو صاحب حصن قائم على ربوة جبل عند حدود قسم شذونة وطلب إليه أن يكون في جواره وحمايته، فقبل أن يجيره، ولكن شرط عليه أن لا تبرح خيله سفح الجبل، وخرج إليه في جماعة من جنوده، ونصح له بعدم الخلاف على والده، وعرض عليه أن يكون وسيطا في الصلح بينهما، ولكونه قد فشل في محاولته هذه فشلا تاما، رأى أن ينزل عند رأيه ويعمل بمشورته، وحينئذ أذن له أن يدخل معه الحصن، وعامله بما يليق بمكانته، وأرسل إلى المعتضد كتابا يذكر فيه أن إسماعيل ثاب إلى رشده، وندم على فعلته تلك، وتوسل إليه أن يقبل وساطته ويصفح عنه، فأرسل إليه يقول: «إنه قد صفح عنه.» فعاد إسماعيل إلى إشبيلية ورد والده إليه جميع أملاكه، ولكنه شدد عليه الرقابة، وأمر بضرب رقاب أبي عبد الله ومن معه، وعلم إسماعيل بذلك فسقط في يده، وأدرك مبلغ خيانة والده وغدره، ووجد أنه قد وقع في الشرك الذي نصبه له من الصفح المزعوم، فأعمل الحيلة في الخلاص، وكسب بقوة المال الحراس، وطائفة من العبيد، وجمعهم - ذات ليلة - على الشراب ليبعث فيهم الحماس والجرأة، وقلدهم السلاح وتسور بهم ناحية من القصر رأى الوصول إليها هينا، وكان يقدر أن يصادف والده في هذه الساعة نائما، وقد صمم في هذه المرة أن يقضي عليه القضاء الأخير، ولكنه سرعان ما ظهر المعتضد فجأة على رأس حاميته، وما هي إلا أن عاينه المتآمرون حتى لاذوا بالفرار، ولكن جنود الحامية تعقبوهم إلى أن جاءوا بهم معتقلين، وكان الغضب قد وصل بالمعتضد إلى أقصى حد، فأخذ ابنه إلى مكان بعيد من القصر، وأرداه بيده قتيلا بحيث لم يشهد مصرعه أحد، وهاج به هائج الغضب فأخذ يقتل وينكل بشركائه وأصدقائه وخدمه، وحتى بنساء قصره، وكم أمر ببتر أيد وأرجل وجدع أنوف ، وقطع رءوس، وقتل في السر وقتل في العلن. وبعد أن شفي غيظه وسكنت ثورة غضبه، تملكه حزن عميق وتنبه في قرارة نفسه تأنيب شديد، ووخز في الضمير أليم، وما كان يشفع لهذا التأنيب وذلك الألم النفساني الدائم، أن ابنه القتيل كان آثما على الحقيقة جديرا بما حل به من العقوبة، فقد ثار عليه، وحاول قتله في محاولتين فشلتا معا، وسرق ذخائره وأعلاقه وكنوزه حتى لقد سرق مع ذلك نساءه، وكان لا يفتر لحظة عن التصريح بهذه الشناعات والجرائم التي ارتكبها ابنه، ولا عن التحدث بأنه كان يحبه حبا حقيقيا، فإنه مع جبروته وقسوته كان يحب أسرته وبخاصة ابنه الذي كان يرى فيه العاقل الرشيد السديد الرأي في المجلس، والقائد المدافع عن حوزة المملكة في ميادين القتال، والعون الوحيد له في شيخوخته، والمتمم لعمله إذا وافاه الأجل المحتوم، وها هو قد حطم بيده تلك الآمال، وقضى بنفسه على كل تلك الأماني.
وحكى بعض وزراء إشبيلية قال:
Halaman tidak diketahui