Raja-Raja Tawaif dan Tinjauan dalam Sejarah Islam

Kamil Kilani d. 1379 AH
130

Raja-Raja Tawaif dan Tinjauan dalam Sejarah Islam

ملوك الطوائف ونظرات في تاريخ الإسلام

Genre-genre

ولكن لكل شيء حدا، فقد صبر يزيد حتى عيل صبره، فلما لم يبق في قوس الصبر منزع، طلب إلى عبد الله بن الزبير - للمرة الأخيرة - أن يبايعه، فلما رفض امتزج الخليفة بالغضب وأقسم أنه لن يقبل من هذا الثائر طاعة حتى يؤتى به بين يديه مكبلا بالأغلال، ولما هدأت ثائرة الخليفة ندم على قسمه - وكان طيب السريرة - ففكر في وسيلة يبر بها في قسمه دون أن يمس كبرياء عبد الله، ثم استقر على أن يرسل إليه غلا من الفضة ومعه حلة فاخرة ليخفيه تحتها - إذا شاء - وبعث إليه برسل يحملون معهم هدايا ثمينة، فساروا من مقر ملكه دمشق حتى بلغوا مكة ولكن عبد الله رفض - بطبعه - أن يقبل تلك الهدايا، وعبثا حاول الرسل أن يتوصلوا إلى إقناعه وإنزاله عن رأيه، فقد أصر عبد الله على عناده، لأنه كان يعتقد أن كائنا من كان لن يفكر - بحال ما - أن يلجأ إلى العنف والشدة معه وهو في تلك البقاع المقدسة، وكان هذا سر طمأنينته، وقد أكد له الرسل بصراحة أن الخليفة لن يعنف معه ولن يقدم على مثل ذلك العمل.

على أن عبد الله لم يكن أول من تعرض لغضب الخليفة ونقمته، فقد سبقه إلى ذلك ثوار المدينة، وكانت روح الشر مهيمنة عليهم في ذلك الحين، فقد وقعت بينهم وبين الوالي - حينئذ - خصومة بسبب النزاع على تملك بعض الأراضي ، وأراد الوالي إزالة أسباب الخلاف - وكان ابن أخت الخليفة يزيد - فنصح سراة المدينة وأعيانها أن يذهبوا إلى بلاط الخليفة، فلما ذهبوا قابلهم الخليفة أحسن مقابلة وأكرم وفادتهم وتلطف معهم رغبة في أن يستميلهم إليه، ولكن يزيدا كان - على أدبه ونبله - غير مشبع بروح احترام الدين الذي كان يمثله وهو خليفة المسلمين الأعظم، فبدرت منه آراء - عن غير قصد - صدمت بعض أصول الدين التي يقدسها أهل المدينة، فلما عادوا إلى بلادهم عادوا ساخطين وأخذوا يشهرون بالخليفة ويذمونه عند مواطنيهم متأثرين بعامل الغضب وقالوا لهم: «إنه يشرب الخمر، ويعزف على الأوتار، ويصرف نهاره بين كلاب الصيد - وقد كان محمد يمقت ذلك أشد المقت - فإذا جن الليل جلس بين اللصوص وقطاع الطرق.»

يعنون بذلك البدو والأعراب الذين نشأ بينهم يزيد وترعرع، فلما كبر أدناهم من مجلسه. •••

وزادوا على ذلك أنه لا يصلي قط، وأنه جاحد، وعزوا إليه - فوق هذه التهم التي بنوها على أساس واه أو متين - تهما أخرى لا أساس لها ولا وجود، وإن كان ذكرها مما يثير في نفس خصومه من أهل المدينة حفائظ وأحقادا بعيدة الأثر.

وقد كانوا يميلون إلى تصديق كل تهمة تلصق بكل أموي، ومن ثم انقلب المسجد مسرحا عجيبا تصب فيه اللعنات على يزيد وأتباع يزيد واجتمع أهل المدينة قاطبة - وهم صاخبون - فشرع كل واحد منهم يتجرد من شيء من ملابسه فيلقي به صائحا: «إني أخلع يزيد كما أخلع قبائي هذا»، أو «عمامتي»، أو «نعلي».

ثم طردوا كل من في المدينة من الأمويين وصدوا عن تعيين خليفة جديد لهم، فقد كان القرشيون الذين في المدينة لا يحبون أن يعترفوا بأهلها، كما كان أهلها كذلك لا يحبون أن يعترفوا بهم، فقر رأيهم على أن يتريثوا في تعيين الخليفة حتى يتم خلع يزيد!

واستحوذ عليهم عداء جنوني - لا يحدوه رشد - فلم يتبصروا عواقب هذا الاندفاع وكيف تقف مدينة واحدة أمام جيوش الإمبراطورية الإسلامية العظيمة كلها.

ولقد حاول عبثا أحد المدنيين - وكان قد عاش في بلاط الخليفة، ثم أوفده سيده إلى المدينة - أن يبين حقيقة الخطر لمواطنيه ولكن الغضب أعماهم فأصبحوا لا يعيرون الناصحين التفاتا ولا يصيخون إلى أية موعظة تقدم إليهم بحسن نية. •••

وحينئذ رأى الخليفة أنه مضطر إلى الالتجاء إلى القوة، فأرسل إليهم جيشا عهد بقيادته إلى «مسلم» - وكان «مسلم» أقرب إلى الوثنية منه إلى الإسلام - فأمره أن يترك لأهل المدينة ثلاثة أيام يفكرون فيها، فإذا أبوا أن يخضعوا - بعد ذلك - هاجمهم ودمر مدينتهم تدميرا في ثلاثة أيام أخرى، ثم أخذ على من فيها المواثيق بأنهم عبيد يزيد وأمرهم أن يقسموا على ذلك فإذا رفض أحدهم أن يفعل قطعت رقبته.

ولم يكد يبلغ أهل المدينة رسالته حتى هبوا ثائرين أنفة من الخضوع وأعدوا عدتهم للقاء العدو، وجاهد الفريقان بشدة وصبر نادرين (وكانت موقعة الحرة سنة 683م) وظهرت الخسائر من الفريقين متكافئة، وكان أهل المدينة متحمسين يذكي فيهم الحرارة والقوة تعصبهم الشديد واعتقادهم الثابت أنهم المختارون، وأن أعداءهم - من جيش سوريا - هم عند الله كالوثنيين سواء، وكانوا على يقين من أن خصومهم إذا ماتوا صبت عليهم اللعنات وباءوا بغضب من الله، أما هم فإنهم سالكون - بلا شك - مسالك الشهداء والأبرار.

Halaman tidak diketahui