Mukhtasar Tuhfa Ithna Ashariyya
مختصر التحفة الاثني عشرية
Penyiasat
محب الدين الخطيب
Penerbit
المطبعة السلفية
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
Akidah dan Kepercayaan
والجواب عنه بأن إيثار الصدق فيه لتقرر كونه ملائما في النفوس لغرضه العامة ومصلحة العالم وكون الكذب عكس ذلك، ولا يلزم من فرض التساوي تحققه، فإيثاره الصدق لملائمته تلك المصلحة لا لكونه حسنا في نفسه، فلو فرضنا الاستواء من كل وجه فإيثار الصدق قطعا ممنوع، وإنما القطع بذلك عند الفرض والتقدير بتوهم أنه قطع عند وقوع المقدر المفروض، والفرق بينهما بين. وأما إنقاذ الهالك فلرقة الجنسية المجبولة في الطبيعة، فكأنه يتصور تلك الحالة لنفسه فيجره استحسان ذلك الفعل من غيره في حق نفسه إلى استحسانه من نفسه في حق غيره، وبالجملة لا نسلم أن إيثار الصدق عند من لم يعلم استقرار الشرائع على حسنها إنما هو لحسنهما عند الله تعالى على ما هو المتنازع فيه بل لأمر آخر.
(الثالث) أنه لو كانا شرعيين لكانت الصلاة والزنا متساويين في نفس الأمر قبل بعثة الرسول فجعل أحدهما واجبا والآخر حراما ليس أولى من العكس، بل ترجيح من غير مرجح ومناف لحكمه الآمر وهو حكيم قطعا. والجواب عنه بأن الأفعال قد بين سابقا تساويها في نفس الأمر بعدم الاقتضاء قبل ورود الشرع بدليل واضح، فبطلان اللازم ممنوع، ثم جعل بعضها واجب وبعضها حرام لحكم ومصالح من الآمر الحكيم، فالأولوية ترجع إلى تلك الحكم والمصالح بعد ورود الشرع بالوجوب، لا للأفعال مطلقا من عدم اقتضائها تلك الأولوية، والإرادة الأزلية مرجحة بعض الأفعال ببعض الصفات وبعضها ببعض، كما أنها مرجحة لتخصيص الأعيان بالحقائق والعوارض المخصوصة من غير اقتضاء ذواتها لها، وإنما يلزم المنافاة لحكمة الآمر الحكيم إذا لم يكن في ذلك التخصيص مراعاة للمصلحة والحكمة وهو باطل بالاتفاق، فالترجيح بعير مرجح، والمنافاة للحكمة ممنوع أيضا لما ذكرنا.
(الرابع) أنه لو كانا شرعيين لكان إرسال الرسل بلاء وفتنة لا رحمة، لأنهم كانوا قبل ذلك في رفاهية لعدم صحة المؤاخذة بشئ مما يستلذه الإنسان، ثم بعد مجئ الرسل صاروا ببعض تلك الأفاعيل في عذاب أبدي، فأية فائدة في إرسال الرسل إلا التضييق وعذاب عبادة فصار بلاء، هذا خُلف، لأنه رحمة يمن الله به على عباده في كثير من مواضع تنزيله.
1 / 75