واستمر رحمه الله على ما عليه من زهد في الدنيا وتواضع لله ، سالكا مسلك الخلفاء الراشدين الذين سبقوه في إمارة المؤمنين بالمشرق أم بالمغرب رحمهم الله إلى أن وافاه الأجل المحتوم والناس عنه راضون وعلى إمامته متفقون ، وكان ذلك سنة 171 ه ( 787 م ) .
خلافة الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن
تولى عبد الوهاب الخلافة على أثر وفاة والده العظيم بالإجماع أو بالأكثرية الساحقة ، و قد رشح أبوه رحمه الله سبعة رجال من مشاهير القوم و خيارهم و جعلها شورى بينهم و منهم هذا الأمام و مسعود الأندلسي و يزيد بن فندين اليفرني و كان هذان المرشحان في مقدمة المبايعين له إلا أن كلا منهما لصاحبه على طرفي نقيض في سلوكه ، و ذلك أن مسعودا أظهر من الوفاء و الولاء للإمام عبد الوهاب ما لا مزيد عليه لمستزيد مع أن العامة كانت تؤثره حتى على عبد الوهاب نفسه لولا أنه توارى على الأنظار إلى أن تحقق أنهم ولوا وجوههم عنه و هرعوا إلى مبايعة عبد الوهاب فبادر إلى تقديم البيعة له و وفى وله الفضل. أما بن فندين فأظهر من الخلاف على الإمام بعد البيعة ما به أضحى رأس الناقمين عليه و الشهاب الموقد للفتنة العظيمة التي اضطر الإمام إلى قمعها بامتشاق الحسام وخوض غمار الحروب الشديدة لأجل اطفائها. ذلك لأن ابن فندين استعان على اضرامها بوسائل دينية استغفل بها فريقا كبيرا من العامة و استخفهم إليها فأصبح اطفاؤها ليس بالأمر الهين ، و ما توفق الإمام إلى القضاء عليها إلا بعد سفك دماء غزيرة ، و كان عدد ضحايا هذه الفتنة لا يقل عن عشرين ألفا من الطرفين من بينهم رأس الفتنة يزيد بن فندين.
Halaman 39