Ringkasan Tafsir Ibn Kathir
مختصر تفسير ابن كثير
Penerbit
دار القرآن الكريم
Nombor Edisi
السابعة
Tahun Penerbitan
1402 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Tafsiran
بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ
- ١٨٨ - لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
- ١٨٩ - وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
هَذَا تَوْبِيخٌ مِنَ اللَّهِ وَتَهْدِيدٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ الذين أخذ الله عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَأَنْ يُنَوِّهُوا بذكره في الناس فيكونوا عَلَى أُهْبَةٍ مِنْ أَمْرِهِ، فَإِذَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَابَعُوهُ، فَكَتَمُوا ذَلِكَ وَتَعَوَّضُوا عَمَّا وَعَدُوا عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِالدُّونِ الطَّفِيفِ، والحظ الدنيوي السخيف، فبئس الصَّفْقَةُ صَفْقَتُهُمْ، وَبِئْسَتِ الْبَيْعَةُ بَيْعَتُهُمْ، وَفِي هَذَا تَحْذِيرٌ لِلْعُلَمَاءِ أَنْ يَسْلُكُوا مَسْلَكَهُمْ فَيُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَهُمْ، وَيُسْلَكَ بِهِمْ مَسْلَكُهُمْ، فَعَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَبْذُلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ، الدَّالِّ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلَا يَكْتُمُوا مِنْهُ شَيْئًا، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ الْآيَةَ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُرَائِينَ الْمُتَكَثِّرِينَ بِمَا لَمْ يُعْطَوْا، كما جاء فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "مَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لم يزده الله إلى قلة﴾ وفي الصحيحين أيضًا: الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ".
وقد روي أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إلى ابن عباس فقل له: لئن كان كل امرىء منا فرح بما أوتي وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لنعذبن أجمعين!! فقال ابن عباس: ما لكم وهذه، وإنما نَزَلَتْ هَذِهِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، ثُمَّ تَلَا ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ* لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ﴾ الآية، وقال ابن عباس: سأله النَّبِيُّ ﷺ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إليه وفرحوا بما أتوا من كتمانهم ما سألهم عنه (رواه أحمد وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي) وفي رواية عن أبي سعيد الخدري: أن رجالًا من المنافقين فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كانوا إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْغَزْوِ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزل: ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بما لم يفعلوا﴾ الآية (أخرجه الشيخان واللفظ للبخاري)
وقد روى ابن مردويه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ (ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيَّ) قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ هَلَكْتُ، قَالَ: لمَ؟ قَالَ: نَهَى اللَّهُ الْمَرْءَ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْحَمْدَ، وَنَهَى اللَّهُ عَنِ الْخُيَلَاءِ وَأَجِدُنِي أُحِبُّ الْجَمَالَ، وَنَهَى اللَّهُ أَنْ نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا فَوْقَ صوتك وأنا امرؤ جهير الصَّوْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَعِيشَ حَمِيدًا وَتُقْتَلَ شَهِيدًا وَتَدْخُلَ الجنة» فقال: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَاشَ حَمِيدًا وَقُتِلَ شهيدًا يوم مسيلمة الكذاب. وقوله تعالى: ﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ العذاب﴾ أي لا تحسب
1 / 345