Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil
مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل
Penerbit
دار السلام للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٦هـ
Lokasi Penerbit
الرياض
Genre-genre
مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ، ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٦]
[٢٣٧] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] هَذَا فِي الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الْفَرْضِ قَبْلَ الْمَسِيسِ، فَلَهَا نِصْفُ الْمَفْرُوضِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ الْمَفْرُوضِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسِّ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ: الْجِمَاعُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) أَيْ: سَمَّيْتُمْ لَهُنَّ مَهْرًا فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ، أَيْ: لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] يَعْنِي: النِّسَاءَ، أَيْ: إِلَّا أَنْ تَتْرُكَ الْمَرْأَةُ نَصِيبَهَا فَيَعُودُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] اخْتَلَفُوا فِيهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ: إِلَى أَنَّ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الولي، معناه: أن لا تعفو المرأة بترك نصيبها الزَّوْجِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مِنْ أَهْلِ الْعَفْوِ أَوْ يَعْفُو وَلِيُّهَا، فَيَتْرُكُ نَصِيبَهَا إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ بكرا، أو غير جائزة العفو فيجوز عفو وليها، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ عَفْوُ الْوَلِيِّ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الزوج وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهَا تَرْكُ الشَّيْءِ مِنَ الصَّدَاقِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِالِاتِّفَاقِ، كما لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا، وَقَالُوا: مَعْنَى الآية أن لا تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ نَصِيبِهَا فَيَعُودُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ، أَوْ يَعْفُو الزَّوْجُ بِتَرْكِ نَصِيبِهِ فَيَكُونُ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَجْهُ الْآيَةِ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ نِكَاحِ نَفْسِهِ فِي كُلِّ حَالٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة: ٢٣٧] أي: والعفو أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى أَيْ: إِلَى التَّقْوَى، وَالْخِطَابُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، لِأَنَّ الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ إِذَا اجْتَمَعَا، كَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْمُذَكَّرِ، مَعْنَاهُ، وَعَفْوُ بَعْضِكُمْ عَنْ بَعْضٍ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] أَيْ: إِفْضَالَ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِإِعْطَاءِ الرَّجُلِ تَمَامَ الصَّدَاقِ أَوْ تَرْكِ الْمَرْأَةِ نَصِيبَهَا، حَثَّهُمَا جَمِيعًا عَلَى الْإِحْسَانِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٣٧]
[٢٣٨] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] أَيْ: وَاظِبُوا وَدَاوِمُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ بِمَوَاقِيتِهَا وَحُدُودِهَا، وَإِتْمَامِ أَرْكَانِهَا، ثُمَّ خَصَّ مِنْ بَيْنِهَا الصَّلَاةَ الْوُسْطَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا دَلَالَةً عَلَى فضلها، ووسطى تَأْنِيثُ الْأَوْسَطِ، وَوَسَطُ الشَّيْءِ: خَيْرُهُ وَأَعْدَلُهُ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ صَلَاةُ الْفَجْرِ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الظهر وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهَا صَلَاةُ العصر، رواه جماعة مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَالَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وَسَطٌ لَيْسَ بأقلها ولا أكثرها، وقال بعضهم: إنها صلاة العشاء، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ إِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا بِعَيْنِهَا أَبْهَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيضًا لِلْعِبَادِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِهَا، كَمَا أَخْفَى لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَسَاعَةَ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَخْفَى الِاسْمَ الْأَعْظَمَ فِي الْأَسْمَاءِ لِيُحَافِظُوا عَلَى جَمِيعِهَا. قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] أي: مطيعين، والقنوت: الطاعة، وَقِيلَ: الْقُنُوتُ السُّكُوتُ عَمَّا لَا يَجُوزُ التَّكَلُّمُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَاشِعِينَ، وَقَالَ: مِنَ الْقُنُوتِ طُولُ الرُّكُوعِ، وَغَضُّ الْبَصَرِ، والركود وخفض الجناح وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْقُنُوتِ طُولُ القيام وقيل: قانتين أي: داعين وقيل: معناه مصليين.
[٢٣٩] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩] مَعْنَاهُ: إِنْ لَمْ يُمْكِنْكُمْ أَنْ تُصَلُّوا قَانِتِينَ مُوَفِّينَ لِلصَّلَاةِ حَقَّهَا لِخَوْفٍ، فَصَلُّوا مُشَاةً عَلَى أَرْجُلِكُمْ أَوْ رُكْبَانًا عَلَى ظُهُورِ دَوَابِّكُمْ، وَهَذَا فِي حَالِ الْمُقَاتَلَةِ وَالْمُسَايَفَةِ يُصَلِّي حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَغَيْرَ مُسْتَقْبَلِهَا،
1 / 93