26

Mukhtasar Tafsir Al-Baghawi, also known as Ma'alim at-Tanzil

مختصر تفسير البغوي المسمى بمعالم التنزيل

Penerbit

دار السلام للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٦هـ

Lokasi Penerbit

الرياض

Genre-genre

[٦٢] ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ [البقرة: ٦٢] يَعْنِي: الْيَهُودَ، سُمُّوا بِهِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّا هُدنا إِلَيْكَ، أَيْ: مِلْنَا إِلَيْكَ، وَقِيلَ. لِأَنَّهُمْ هَادُوا، أَيْ: تَابُوا عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ مَالُوا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ دِينِ مُوسَى ﵇ ﴿وَالنَّصَارَى﴾ [البقرة: ٦٢] سُموا بِهِ لِقَوْلِ الْحَوَارِيِّينَ: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، وَقِيلَ: لِاعْتِزَائِهِمْ إِلَى نَصِرَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ كَانَ يَنْزِلُهَا عِيسَى ﵇ ﴿وَالصَّابِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٢] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالصَّابِينَ وَالصَّابُونَ بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ، وَالْبَاقُونَ بِالْهَمْزَةِ، وَأَصْلُهُ الْخُرُوجُ، يُقَالُ: صَبَأَ فُلَانٌ أَيْ خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ آخر، قال عمر بن الخطاب وَابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أهل الكتاب، قال عمر: تحل ذبائحهم مثل ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا مناكحتهم، ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: ٦٢] فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي ابْتِدَاءِ الْآيَةِ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا؟ قِيلَ: اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْآيَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى التَّحْقِيقِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَهُمْ طُلَّابُ الدِّينِ، مِثْلَ حَبِيبٍ النَّجَّارِ، وَقُسِّ بْنِ ساعدة، وسلمان الفارسي، فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ وتابعه، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ، وَقِيلَ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَقِيلَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالَّذِينَ هَادُوا الَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ مُوسَى ﵇ وَلَمْ يُبَدِّلُوا، وَالنَّصَارَى الَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى ﵇ وَلَمْ يُغَيِّرُوا وَمَاتُوا عَلَى ذَلِكَ وَالصَّابِئُونَ زَمَنَ اسْتِقَامَةِ أَمْرِهِمْ، مَنْ آمَنَ أَيْ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الإيمانِ بالوفاة، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَاوُ مُضْمَرًا، أَيْ: وَمَنْ آمَنَ بَعْدَكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمَذْكُورِينَ بِالْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الَّذِينَ آمَنُوا بِالْأَنْبِيَاءِ الْمَاضِينَ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِكَ وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِمُ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَالْيَهُودَ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ اعْتَقَدُوا الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بَعْدَ التَّبْدِيلِ، وَالصَّابِئُونَ بَعْضُ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ، مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر من هَذِهِ الْأَصْنَافُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٦٢] وَإِنَّمَا ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّ (مَن) يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ [البقرة: ٦٢] فِي الدُّنْيَا ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: ٦٢] فِي الْآخِرَةِ. [٦٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ [البقرة: ٦٣] عَهْدَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ [البقرة: ٦٣] وهو الجبل بالسريانية قال ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى جَبَلًا مِنْ جِبَالِ فِلَسْطِينَ فَانْقَلَعَ مِنْ أَصْلِهِ حَتَّى قَامَ عَلَى رؤوسهم، وذلك أن اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ

1 / 33