262

Ringkasan Petir yang Dihantar kepada Jahmiyyah dan Pengingkar

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Penerbit

دار الحديث

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lokasi Penerbit

القاهرة - مصر

Genre-genre

مُمْتَنِعٌ، فَيَفْنَيَانِ بِأَنْفُسِهِمَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْنِيَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا قَوْلٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ سِوَى هَذِهِ الْفِرْقَةِ الضَّالَّةِ، أَوْ يَكُونُ حِكَايَتُهُمُ الْإِجْمَاعَ، عَلَى أَنَّ أَهْلَ النَّارِ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَبَدًا، فَهُوَ مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَحَالٍّ لِلْإِجْمَاعِ، وَلَكِنْ أَيْنَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ النَّارَ بَاقِيَةٌ بِبَقَاءِ الْجَنَّةِ؟ وَأَنَّ كِلَيْهِمَا فِي الْبَقَاءِ سَوَاءٌ؟ وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْعُقُولِ فَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا فَهِيَ فِي هَذَا الْجَانِبِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَمَّا قِيَاسُ النَّارِ عَلَى الْجَنَّةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ، وَكَيْفَ يُقَاسُ الْغَضَبُ عَلَى الرَّحْمَةِ، وَالْعَدْلُ عَلَى الْفَضْلِ، وَالْمَقْصُودُ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ لِنَفْسِهِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ أَبَدِيَّةِ النَّارِ إِلَّا اسْتِثْنَاؤُهُ سُبْحَانَهُ بِمَشِيئَتِهِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ، أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: ﴿قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ١٢٨] فَـ " مَا " هَاهُنَا مَصْدَرِيَّةٌ وَقْتِيَّةٌ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَهُوَ كَوْنُهَا مَثْوَاهُمْ بِوَصْفِ الْخُلُودِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُخْرِجًا لِمَا دَخَلَ فِيهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ خُلُودُهُمْ فِيهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُخَالِفًا لِذَلِكَ، إِذْ يَمْتَنِعُ تَمَاثُلُهُمَا وَتَسَاوِيهِمَا، وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إِنَّ الْمُسْتَثْنَى وَاقِعٌ عَلَى مَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا عَلَى مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ مُدَّةُ لُبْثِهِمْ فِي الْبَرْزَخِ، وَفِي الْبَرْرَخِ، وَفِي مَوَاقِفِ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى هَاهُنَا، فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَلِمَ انْتِفَاءَ الدُّخُولِ فِي وَقْتِهِ قَطْعًا، فَلَيْسَ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ فَائِدَةٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ: أَنْتُمْ خَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا إِلَّا الْمُدَّةَ الَّتِي كُنْتُمْ فِيهَا فِي الدُّنْيَا، وَهَذَا يُنَزَّهُ عَنْهُ كَلَامُ الْفُصَحَاءِ الْبُلَغَاءِ، فَضْلًا عَنْ كَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ لِلْمَيِّتِ: أَنْتَ مُقِيمٌ فِي الْبَرْزَخِ إِلَّا مُدَّةَ بَقَائِكَ فِي الدُّنْيَا، وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦] فَإِنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ قُصِدَ بِهِ تَقْرِيرُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَأَنَّهُ عَامٌّ مَحْفُوظٌ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ، إِذْ مِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصًا بِاسْتِثْنَاءٍ فَيَعْدِلُ عَنْ ذِكْرِهِ إِلَى غَيْرِ جِنْسِهِ.
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ: مَا زَادَ إِلَّا نَقْصًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ زِيَادَتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ ثَمَّ تَغَيُّرٌ فَبِالنُّقْصَانِ، وَلَيْسَ هَذَا مَخْرَجَ قَوْلِهِ: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: ١٢٨] وَلَوْ أُرِيدَ هَذَا لَقِيلَ: لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا أَبَدًا مَقَامُهُمْ فِي الدُّنْيَا فَهَذَا يَكُونُ وِزَانَ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى﴾ [الدخان: ٥٦]

1 / 277