230

Ringkasan Petir yang Dihantar kepada Jahmiyyah dan Pengingkar

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Penerbit

دار الحديث

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lokasi Penerbit

القاهرة - مصر

Genre-genre

عَلَى الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ، فَيَكُونُ عِقَابُهُ بِالْآلَامِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَوْلٌ وَسَطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ، فَيُعَاقِبُ عَلَى هَذَا الْعَدَمِ بِفِعْلِ السَّيِّئَاتِ لَا بِالْعُقُوبَةِ الْمُؤْلِمَةِ، ثُمَّ يُعَاقِبُ عَلَى فِعْلِ السَّيِّئَاتِ بِالْآلَامِ، وَلَا يُعَاقِبُ عَلَيْهَا حَتَّى تَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ بِالرِّسَالَةِ، فَإِذَا عَصَى الرَّسُولَ اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ التَّامَّةَ، وَهُوَ أَوَّلًا إِنَّمَا عُوقِبَ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْجُوَ مِنْ شَرِّهِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، أَوِ التَّوْبَةُ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ كَانَ الصَّبِيُّ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَنْفَعُهُ، بَلْ بِمَا هُوَ مِنْ أَسْبَابِ ضَرَرِهِ، وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ قَلَمُ الْإِثْمِ حَتَّى يَبْلُغَ، فَإِذَا بَلَغَ عُوقِبَ، ثُمَّ يَكُونُ مَا اعْتَادَهُ مِنْ فِعْلِ الْقَبَائِحِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهَا سَبَبٌ لِمَعْصِيَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَتَكُونُ تِلْكَ الْمَعَاصِي الْحَادِثَةُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَمْ يُعَاقَبِ الْعُقُوبَةَ الْمُؤْلِمَةَ إِلَّا عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ الْأُولَى فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ عَلَى ذَنْبٍ بَلْ هِيَ جَارِيَةٌ مَجْرَى تَوَلُّدِ الْآلَامِ عَمَّا يَأْكُلُهُ وَيَشْرَبُهُ وَيَمْتَنِعُ بِهِ، فَتَوَلَّدَتْ تِلْكَ الذُّنُوبُ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الْوَسَطُ فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَدَمِ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: ١١٠]، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ عُقُوبَتِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ بِتَقْلِيبِ أَفْئِدَتِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ.
فَإِنْ قُلْتَ: هَذِهِ عُقُوبَةٌ عَلَى أَمْرٍ وُجُودِيٍّ، وَهُوَ تَرْكُهُمُ الْإِيمَانَ بَعْدَ إِرْسَالِ الرَّسُولِ وَدُعَائِهِ لَهُمْ، قُلْتُ: الْمُوجِبُ لِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الْخَاصَّةِ هُوَ عَدَمُ الْإِيمَانِ، وَلَكِنَّ إِرْسَالَ الرَّسُولِ وَتَرْكَ طَاعَتِهِ شَرْطٌ فِي وُقُوعِ الْعَذَابِ، فَالْمُقْتَضَى قَائِمٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِيمَانِ، لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ وُقُوعُهُ بِشَرْطٍ وَهُوَ إِرْسَالُ الرَّسُولِ، فَفَرْقٌ بَيْنَ انْتِفَاءِ الشَّيْءِ لِانْتِفَاءِ مُوجِبِهِ وَمُقْتَضِيهِ، وَانْتِفَائِهِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ بَعْدَ قِيَامِ الْمُقْتَضَى.
فَصْلٌ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: " «إِنَّ اللَّهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ» "، وَهُوَ مَا يَحْتَجُّ بِهِ

1 / 245