219

Ringkasan Petir yang Dihantar kepada Jahmiyyah dan Pengingkar

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Penyiasat

سيد إبراهيم

Penerbit

دار الحديث

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Lokasi Penerbit

القاهرة - مصر

Genre-genre

بِعَبِيدِهِ وَهُوَ أَعْدَلُ الْعَادِلِينَ وَلَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الظُّلْمَ الْمُنَزَّهَ عَنْهُ هُوَ الْمُحَالُ بِذَاتِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ.
وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ إِنَّمَا نَزَّهُوا اللَّهَ عَنِ الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا التَّنْزِيهَ يَشْتَرِكُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَلَا يُمْدَحُ بِهِ أَحَدٌ أَصْلًا فَإِنَّهُ لَا مَدْحَ فِي كَوْنِ الْمَمْدُوحِ مُنَزَّهًا عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَمَدَّحَ الظُّلْمَ، وَأَنَّهُ لَا يُرِيدُهُ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَمَدَّحَ بِكَوْنِهِ لَا يُرِيدُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يُرِيدُ قَلْبَ الْحَادِثِ قَدِيمًا، وَلَا قَلْبَ الْقَدَمِ حَادِثًا، وَلَا جَعْلَ الشَّيْءِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فِي آنٍ وَاحِدٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ [طه: ١١٢] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَاطِبَةً: الظُّلْمُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ، وَالْهَضْمُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ حَسَنَاتِ مَا عَمِلَ، وَعِنْدَ الْجَبْرِيَّةِ أَنَّ هَذَا لَوْ وَقَعَ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تَرْفَعْ عَنْهُ خَوْفَ الْمُحَالِ لِذَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَخَافُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَتَى بِكُلِّ كُفْرٍ وَإِسَاءَةٍ، فَلَا يَجُوزُ تَحْرِيفُ كَلَامِ اللَّهِ بِحَمْلِهِ عَلَى هَذَا، فَإِنَّ الْخَوْفَ مِنَ الشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَ وَجُودِهِ وَإِمْكَانِهِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ يَسْتَحِيلُ خَوْفُهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُنْفَى الْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فِي السِّيَاقِ الَّذِي نَفَى اللَّهُ فِيهِ الظُّلْمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦] فَلَا يَحْسُنُ بِوَجْهٍ أَنْ يُقَالَ عَقِيبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ: وَمَا رَبُّكَ بِجَامِعٍ لِلْعَبِيدِ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا الظُّلْمُ الْمَنْفِيُّ هُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾ [فصلت: ٤٦]، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [النساء: ٧٧]، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ [النساء: ١٢٤]، ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ [مريم: ٦٠] أَيْ لَا يَتْرُكُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مَا هُوَ بِقَدْرِ الْفَتِيلِ وَالنَّقِيرِ، فَيَكُونُ ظُلْمًا، وَعِنْدَ الْجَبْرِيَّةِ تَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ ثَوَابَ جَمِيعِ أَعْمَالِهِمْ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي تَرْكَهَا إِلَّا مُجَرَّدَ الْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ ظُلْمًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزخرف: ٧٦]، ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ [هود: ١٠١] بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُعَاقِبْهُمْ بِغَيْرِ جُرْمٍ فَيَكُونُ ظَالِمًا لَهُمْ بَلْ عَاقَبَهُمْ بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسَهُمْ.

1 / 234