Ringkasan Jalan Para Penuntut
مختصر منهاج القاصدين
Editor
شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط
Penerbit
مكتبة دار البيان
Tahun Penerbitan
1398 AH
Lokasi Penerbit
دمشق
Genre-genre
Tasawuf
المقام الأول: اعلم أن أصل الرياء حب الجاه والمنزلة، وإذا فصل، رجع إلى ثلاثة أصول.
وهى حب لذة الحمد، والفرار من ألم الذم، والطمع فيما في أيدي الناس.
ويشهد لذلك ما في "الصحيحين" من حديث أبى موسى رضى الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي ﵌: فقال يارسول الله، أرأيت الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله".
فمعنى قوله: "يقاتل شجاعة" أي: ليذكر ويحمد، ومعنى قوله "يقاتل حمية" أي: يأنف أن يقهر أو يذم، ومعنى: "يقاتل رياء" أي: ليرى مكانه، وهذه هو لذة الجاه والمنزلة في القلوب.
وقد لا يشتهى الإنسان الحمد، ولكنه يحذر من الذم، كالجبان بين الشجعان، فإنه يثبت ولا يفر لئلا يذم. وقد يفتى الإنسان بغير علم حذرًا من الذم بالجهل، فهذه الأمور الثلاثة هي التي تحرك إلى الرياء.
وعلاجه أن الإنسان إِنما يقصد الشيء ويرغب فيه إذا ظن أنه خير له ونافع، إما في الحال أو المآل، فإن علم أنه لذيذ في الحال ضارٌّ في المآل، سهل عليه اجتنابه وقطع عنه الرغبة، كمن يعلم أن العسل لذيذ، ولكن إِذا بان أن فيه سمًا، أعرض عنه، فكذلك طريق هذه الرغبة أن تعلم ما فيها من المضرَّة، فإِن الإِنسان متى عرف مضرة الرياء وما يفوته من صلاح قلبه، ومن المنزلة في الآخرة، وما يتعرض له من العذاب والمقت والخزي، هذا مع ما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق، فإنَّ رضى الناس غاية لا تدرك، فكل ما يرضى به فريق يسخط به فريق، ومن طلب رضاهم في سخط الله، سخط الله عليه وأسخطهم عليه. ثم أي غرض له في مدحهم وإيثار ذم الله له لأجل مدحهم؟ ولا يزيد مدحهم رزقًا ولا أجلًا، ولا ينفعه يوم فقره وفاقته. وكذلك ذمهم لمَ يحذر منه؟ ولا يضره ذمهم شيئًا ولا يجعل أجله، ولا يؤخر رزقه، فإن العباد كلهم عجزة، لا يملكون لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا، ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فإِذا قرر هذا في نفسه، فترت رغبته في الرياء، وأقبل على الله تعالى بقلبه، فإن العاقل لا يرغب فيما يضره ويقل نفعه.
1 / 222