الثاني: أنه بمعنى التواضع لطالب العلم.
الثالث: أن المراد به النزول عند مجالس العلم وترك الطيران.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﵌: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم.
وروى عنه ﵌ أنه قال: "من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام، كان بينه وبين الأنبياء فى الجنة درجة واحدة" (١)، وفيه أخبار كثيرة.
وكان بعض الحكماء يقول: ليت شعري، أي شىء أدرك من فاته العلم، وأي شىء فات من أدرك العلم.
ومن فضائل التعليم ما أخرجاه فى "الصحيحين" عن سهل بن سعد رضى الله عنه، أن رسول الله ﵌ قال لعلى رضى الله عنه: "لأن يهدى الله بك رجلًا واحدًا خير من أن يكون لك حمر النعم".
وقال ابن عباس: "إن الذى يعلم الناس الخير تستغفر له كل دابة حتى الحوت فى البحر". وروى نحو ذلك فى حديث مرفوع إلى النبى ﵌.
فإن قيل: ما وجه استغفار الحوت للمعلم؟
فالجواب: أن نفع العلم يَعُمُّ كل شىء حتى الحوت، فإن العلماء عرفوا بالعلم ما يحل ويحرم، وأوصوا بالإحسان إلى كل شىء حتى إلى المذبوح (٢) والحوت، فألهم الله تعالى الكل الاستغفار لهم جزاءًا لحسن صنيعهم.
وعن أبى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله ﵌: "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضًا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب (٣) أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي
_________
(١) حديث ضعيف رواه الدارمي ١/ ١٠٠ عن الحسن مرسلًا، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس مرفوعًا بنحوه، وفيه محمد بن الجعد وهو متروك.
(٢) في الهامش: كما في حديث "إن الله كتب الإحسان على كل شيء".
(٣) جمع أجدب وهى الأرض التي لا تنبت.
1 / 14