Mukhtasar Kitab Al-I'tisam
مختصر كتاب الاعتصام
Penerbit
دار الهجرة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
Genre-genre
وَالْمَالُ، وَكُلُّ مَا نُصَّ عَلَيْهِ رَاجِعٌ إِلَيْهَا، وَمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ جَرَتْ فِي الِاعْتِبَارِ والنظر مجراها.
فَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي كَبَائِرَ الْبِدَعَ: مَا أَخَلَّ مِنْهَا بِأَصْلٍ مِنْ هَذِهِ الضَّرُورِيَّاتِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ، وما لا، فهي صغيرة، فكلما انحصرت كبائر المعاصي كذلك تنحصر كبائر البدع فَإِنْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ التَّفَاوُتَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا، وإنَّما يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أنَّها تَتَفَاضَلُ، فَمِنْهَا ثَقِيلٌ وَأَثْقَلُ وَمِنْهَا خَفِيفٌ وَأَخَفُّ، وَالْخِفَّةُ هَلْ تَنْتَهِي إِلَى حَدٍّ تُعَدُّ الْبِدْعَةُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ اللَّمَمِ؟ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ظَهَرَ مَعْنَى الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فِي الْمَعَاصِي غَيْرِ الْبِدَعِ.
- وأمَّا فِي الْبِدَعِ فَثَبَتَ لَهَا أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا أنَّها مُضَادَّةٌ لِلشَّارِعِ وَمُرَاغَمَةٌ لَهُ، حَيْثُ نَصَّبَ الْمُبْتَدِعُ نَفْسَهُ نَصْبَ الْمُسْتَدْرِكِ عَلَى الشَّرِيعَةِ، لَا نَصْبَ الْمُكْتَفِي بِمَا حُدَّ لَهُ.
وَالثَّانِي: أنَّ كلَّ بِدْعَةٍ - وَإِنْ قَلَّت - تشريعٌ زَائِدٌ أَوْ نَاقِصٌ، أَوْ تَغْيِيرٌ لِلْأَصْلِ الصَّحِيحِ، وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَقَدْ يَكُونُ مُلْحَقًا بِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ، فَيَكُونُ قَادِحًا فِي الْمَشْرُوعِ، وَلَوْ فَعَلَ أَحَدٌ مِثْلَ هَذَا فِي نَفْسِ الشَّرِيعَةِ عَامِدًا لكفر، إِذِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِيهَا أَوِ التَّغْيِيرُ - قلَّ أَوْ كَثُر كُفر، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَلَّ منه وما كثر، فَصَارَ اعْتِقَادُ الصَّغَائِرِ فِيهَا يَكَادُ يَكُونُ مِنَ المتشابهات، كما صار نفيُ الكراهة التنزيهية عَنْهَا مِنَ الْوَاضِحَاتِ.
فَلْيُتأمل هَذَا الْمَوْضِعَ أَشَدَّ التَّأَمُّلِ ويُعطَ مِنَ الْإِنْصَافِ حَقَّهُ، وَلَا يُنظر إِلَى خِفَّةِ الْأَمْرِ فِي الْبِدْعَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى صُورَتِهَا وَإِنْ دقَّت، بَلْ يَنْظُرُ إِلَى مُصَادَمَتِهَا لِلشَّرِيعَةِ وَرَمْيِهَا لَهَا بِالنَّقْصِ وَالِاسْتِدْرَاكِ، وأنَّها لَمْ تَكمُل بَعْدُ حَتَّى
1 / 90