63

Mukhtasar Kitab Al-I'tisam

مختصر كتاب الاعتصام

Penerbit

دار الهجرة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

Genre-genre

فصل [تقسيم البدع إلى خمسة أقسام والرد عليه] وَمِمَّا يُورَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أنَّ الْعُلَمَاءَ قسَّموا الْبِدَعَ بِأَقْسَامِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ الْخَمْسَةِ وَلَمْ يَعُدُّوهَا قِسْمًا وَاحِدًا مَذْمُومًا، فَجَعَلُوا مِنْهَا مَا هو واجب ومندوب ومباح ومكروه ومحرَّم. وَالْجَوَابُ: أنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ أمرٌ مُخْتَرَعٌ لَا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نَفْسُهُ مُتَدَافِعٌ، لأنَّ مِنْ حَقِيقَةِ الْبِدْعَةِ أنْ لَا يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ لَا مِنْ نصوصِ الشَّرْعِ وَلَا مِنْ قَوَاعِدِهِ، إِذْ لَوْ كَانَ هُنَالِكَ مَا يَدُلُّ مِنَ الشَّرْعِ عَلَى وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ إِبَاحَةٍ لَمَا كَانَ ثَمَّ بِدْعَةٌ، وَلَكَانَ الْعَمَلُ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْأَعْمَالِ المأْمور بِهَا أَوِ المخيرَّ فِيهَا، فَالْجَمْعُ بين [عدِ] تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِدَعًا وَبَيْنَ كَوْنِ الْأَدِلَّةِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا أَوْ نَدْبِهَا أَوْ إِبَاحَتِهَا جمعٌ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ. أمَّا الْمَكْرُوهُ مِنْهَا والمحرَّم فمُسلَّم مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا بِدَعًا لَا مِنْ جِهَةٍ أُخرى، إِذْ لَوْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ أمر أو كراهته لم يثبت ذلك كونه بدعة، لإمكان أنْ يكون معصية، فَإِذًا لَا يَصِحُّ أنْ يُطْلَقَ الْقَوْلُ فِي هذا القسم بأنَّه بدعة دون أنْ يقسَّم الأمر في ذلك. وأمَّا قِسْمُ الْمَنْدُوبِ فَلَيْسَ مِنِ الْبِدَعِ بِحَالٍ وتبيين ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي مُثِّل لَهَا بِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ، فَقَدْ قَامَ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ في المسجد واجتمع الناسُ خلفه. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ سَمَّاهَا عُمَرُ ﵁ بِدْعَةً وحسَّنها بِقَوْلِهِ: «نِعْمَتِ

1 / 59