مُصِيبٌ وَعَلَيْهِ جَمْعٌ، فَذَاكَ، وَإِنْ قُلْنَا: المُصِيبُ وَاحِدٌ، وَغَيْرُهُ مَأْجُورٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ وَقَصْدُهُ الحَقُّ، وَهُوَ المُعْتَمَدُ، فذُلِكَ الواحِدُ مِنْهُم، فَيَكْفِي اعْتِقادُ العامِّيِّ إِذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُصَادِفَ ذُلِكَ الحَقَّ، وَأَمَّا ظَنُّ العامِّيِّ أَوْ قَطْعُهُ فَلا يُتَصَوَّرُ حَقِيقَةٌ، فَعُلِمَ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالظَّنِّ أَوِ القَطْعِ فِيمَا مَرَّ أَرَادَ الصّورَةَ لا الحَقيقَةَ، لاسْتِحالَةِ وُجودِها لِغَيْرِ المُجْتَهِدِ). اهـ.
هذا كُلُّهُ كَمَا عَلِمْتَ في الفُرُوعِ الاجْتِهَادِيَّة التي قِيلَ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ فِيها مُصِيبٌ، وَإِنْ كَانَ الأَصَُّ أَنَّ المُصيبَ فِیها واحِد.
[التقليد في الاعتقاد]
أمّا الأصولُ الاعتِقَادِيَّةُ الوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وُجُوباً عَيْنِيّاً مَعْرِفَتُها وَلَوْ بِالدَّليلِ الإِجْمالي، فالتَّقْلِيدُ فِيهَا مُمْتَنِعٌ.
لأنَّ كُلَّ مَنْ قَلَّدَ فِي التَّوْحِيدِ لَمْ يَخْلُ إِيمَانُهُ عَنِ التَّرَدُّدِ، وَإِنْ صَحَّ عَلَى المُعْتَمَدِ مِنْ خِلافٍ شَهِيرٍ، إِيمانُ المُقَلِّدِ الجازِمِ جَزْماً قَوِيّاً، بِحَيْثُ لَوْ رَجَعَ المُقَلَّدُ - بِفَتْحِ اللَّمِ لَمْ يَرْجِعِ المُقَلِّدُ - بِكَسْرِها -.
فَيَكْفِي ذَلِكَ فِي الأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ، فَيُناكِحُ، وَيَؤُمُّ، وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَيَرِثُهُ المُسْلِمُونَ وَيَرِثُهُمْ، وَيُسْهَمُ لَهُ، وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ المُسْلِمِينِ.
وَفِي الأَحْكَامِ الأُخْرَوِيَّةِ أَيْضاً؛ فلا يَخْلُدُ فِي النَّارِ، وَإِنْ دَخَلَهَا فَمَآَلُهُ إِلَى النَّجَاةِ والجَنَّةِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ، عاصٍ بِتَرْكِ النَّظَرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ المُقَلِّدُ جَازِماً لَمْ يَكْفِهِ التَّقْلِيدُ، فَيَكُونُ كَافِراً.