وَعن ابنِ عَبَّاس رضي الله تعالى عنهما: (جُنَّةُ(١) العالِم: لا أَدري).
[شروط طلب العلم]:
وَلْيَتثبتْ في قولِهِ وفِعْلِه، ويُسَلِّمْ كُلَّ مَقَامٍ لأَهْلِهِ سالِكاً سبيلَ الإِنْصافِ، مُجانِباً مَهَاوِي التَّشَدُقِ والاعْتِسَافِ. ويُخْلِصِ النِيَّةَ، ويُصْلِحِ الطَوِيَّةَ، وَيَبْذُلِ الهِمَّةَ القَوِيَّةَ، وَيَعْصِي الأَهْوَاءَ الشَّيْطَانِيَّة، ويَقْطَعُ كلَّ قَفْرٍ وَبَرِيَّةٍ، طَلَباً لِأَهْلِهِ، وَرَغْبَةً فِي نَيْلِهِ، وَيْلِ فَضْلِهِ.
فَأَجِعْ بَطْنَكَ، واهْجُرْ وَطَنَكَ، واتْرُكِ القالَ والقِيلَ، ولا تَمَلَّ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ التَّحْصِيلَ. قَالَ الجلالُ الشُّيُوطِيُّ فِي ((الأَشْبَاهِ والنَّظَائِرِ)): (وَلَعَمْرِي إِنَّ هَذَا الفَنَّ لا يُدْرَكُ بالتَّمَنِّي ولا يُنالُ بـ (سَوْفَ) و (لَعَلَّ) و (لَوْ أَنِّي)، ولا يَبْلُغُهُ إِلَّا مَنْ كَشَفَ عن سَاعِدِ الجِدِّ وشَمَّرَ، واعْتَزَلَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الِمِئزَرَ(٢)، وَخَاضَ البِحَارَ، وَخَالَطَ العَجَاجَ(٣)، ولازَمَ التَّرَدُّدَ إِلى الأَبْوابِ فِي اللَّيْلِ الدَّاج، وحَلَقَ(٤) الفَضائِلَ، وَقَنَصَ الشَّوارِدَ). اهـ.
(١) جُنَّةُ العالِم - بضمّ الجيم - أي وِقَايَتُه، وهي قوله: (لا أدري) فيما لا يعلم، ومنه الحديث: ((الصَّوْمُ جُنَّةٌ)) أي يَقِي صاحِبَهُ ما يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّهَوات (النهاية لابن الأثير ١/ ٣٠١).
(٢) المِئزَرُ: الإِزَارُ، وهو الثوب الذي يَسْتُر به الإِنسانُ نِصْفُه الأَسْفَلَ، ويُقابله الرِدَاءُ، وهو ما يَسْتُر به نصفه الأعلى، وفي الحديث: ((كان إذا دخل العَشْرُ الأواخِرُ - من رمضان - أَيْقَظَ أَهلَهُ، وشَدَّ الِمِثْزَرَ)) كِنَايَةٌ عن اعْتزالِ النساءِ، وتَشْمِيرِهِ للعبادة (النهاية، لابن الأثير ١/ ٥٧).
(٣) العَجَاجُ: الأَحْمَقُ، وَرَعَاعُ الناسِ (القاموس المحيط).
(٤) حَلَقَ الفَضائِلَ أي ملأ بها نفسَه، يقال: حَلَقَ الحَوْضَ. مَلَّأهُ، وَحَلَقَ الشيءَ: قَدَّرَهُ. (القاموس المحيط).