في الهدية وهي ضرب من ذلك والهدية ثبتت بالسنة الموجبة، ولذلك قول الرسول - عليه السلام - »تهادوا تحابوا وأن الهدية تذهب السخيمة« (وهي الضغينة) وتثبت المودة وإن الهدية تجلب السمع والبصر وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبل الهدية، وكانت له حلالا، والصدقة عليه حراما، وإنه أيضا قد أهدى إلى النجاشي وقد مات، وقد رجعت الهدية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختلفوا في هذا المعنى وفصول الهدية متفقون عليه بأن الهدية إذا قبضها من أهديت إليه فلا رجعه له فيها، وهي له، والاختلاف بينهم إذا لم تصله ومات، وقال قوم هي لورثته، وقال آخرون هي مردودة إلى من أهدى، كهدية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما اختلافهم في الخبر وتأويله إن كل هدية فصلت من عند المهدى، فهي للمهدى إليه، وإن مات فهي لورثته، وقال قوم إذا مات فهي رد، واختلفوا في فصولها، قال: فولها خروجها من يد من أعطى، وقال آخرون فصولها قبض المعطى إياها، والأشبه أن فصولها قبضه أو قبض رسوله، والهدية جائزة بين الجيران والأرحام والإخوان والأجنبيين، وكل من أهدى إليه لصلة أو لصداقة جائزة طيبة، إلا الرشوة أو التقية أو لمعونة على ظلم، أو رشوة في حكم، فإن هذا لا تجوز الهدية فيه، ويكره للحاكم قبول الهدية من الغرباء لصرف الطمع، ولا نقول حراما، حتى يأخذ رشوة للحكم فذلك حرام، وإن كان لتقية لم يجز، وجائز له قبول الهدية من عند من كان عود تهاديه من الإخوان والأصدقاء والأرحام، قبل أن يكون حاكما، ومن أهدى هدية لمكافأة أو لصلة رحم فجائز ومثاب، ومن أهدى هدية ليعطى أكثر منها، فذلك لا يضاعف عند الله له الأجر، وإنما تضعيف الهدية أن يكون قربة لله - عز وجل -، وقد تأولوا قوله تعالى: { وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله } * قالوا: هي من أعطى عطية ليعطى أكثر منها، والهدية بين الناس البار منهم والفاجر، وبين الغني منهم والفقير جائز إذا قصد المهدي بها ابتغاء وجه الله، ولمكافأة تجزيه بإحسانه مثلها.
Halaman 133