Pilihan Cerita Pendek Yukiyo Mishima
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
Genre-genre
في السماء كان قد بدأ بالفعل الشفق الرائع في أواخر الصيف، سحب السردين تحولت تماما إلى اللون الأحمر، وكانت هناك سحب كأنها طائرات ورقية حمراء وصفراء طويلة قد امتدت بالعرض. أما البحر ؛ فكان مثل الموقد الذي يزيد السماء اشتعالا. بل وحتى الأشجار والأعشاب المحيطة بالمكان قد عكست لهيب السماء. صار لونها الأخضر أكثر بهرجة وتألقا.
كلمات أنري كانت موجهة بالفعل نحو شفق الغروب مباشرة، وكأنه يخاطب بحديثه الشفق. ويرى في عينيه البحر المتوهج، ومعه مناظر من بلده ووجوه أهاليها. بل ويرى كذلك منظره وهو فتى صغير. ويرى أصدقاؤه من رعاة الغنم. في يوم حار من أيام الصيف، قد خلعوا قمصانهم المتواضعة كاشفين عن أحد الأكتاف؛ فظهرت حلمات أثدائهم الوردية وسط صدورهم البيضاء اللون. وجوه فتيان الجيش الصليبي السري الذين ماتوا أو قتلوا، برزت متجمعة على سطح البحر الذي يعكس شفق الغروب. نعم كانوا بدون خوذات حربية، ولكن شعورهم الذهبية والبنية بدت مع انعكاس الشفق، وكأنها خوذات من لهب ارتدوها فوق رءوسهم.
الفتيان الذين تبقوا على قيد الحياة تفرقوا في أنحاء الأرض الأربعة. وخلال مسيرته الطويلة في الرق، لم يلتق أنري ولو مرة بشخص يعرفه. وحتى أورشليم التي طالما اشتاق إليها، كان من المحال زيارتها.
أصبح أنري عبدا لدى تاجر فارسي، ثم بيع بعد ذلك وأخذ إلى الهند، وهناك سمع عن شائعة غزو باتو خان حفيد جنكيز خان للغرب. وبكى أنري وهو يفكر في الخطر الذي فاجأ وطنه.
وقتها كان الراهب دايكاكو زينجي قد أتى الهند؛ لدراسة البوذية. ومن خلال صدفة حسنة حصل أنري على حريته بواسطة نفوذ الراهب زينجي، وبعدها عقد عزمه على خدمة الراهب زينجي بقية عمره ردا للجميل، وخدمه في موطنه الأصلي. فعندما عبر الراهب البحر إلى اليابان توسل إليه أنري أن يصحبه معه، وهكذا جاء مع الراهب زينجي إلى اليابان.
الآن يسكن قلب أنري السلام والهدوء. فمنذ زمن بعيد كان قد تخلى عن الرغبة العديمة الجدوى بالعودة إلى وطنه، وقد وطن قلبه على أن عظامه ستدفن في تراب اليابان. وهو قد أنصت جيدا إلى وعظ معلمه؛ فأصبح لا يلح في طلب الآخرة بلا طائل، ولا ينجذب إلى بلد لم يرها بعد. ورغم ذلك، فعندما تصطبغ سماء الصيف بشفق الغروب ، ويتألق البحر بالحمرة، تتحرك قدماه تلقائيا، ولا يستطيع منع نفسه من تسلق قمة جبل «شوجوغاتاكه».
ينظر أنري إلى شفق السماء ثم ينظر إلى انعكاسه في البحر. وعندها لا يقدر أنري على كتمان ذكرى إحدى العجائب التي رآها بشكل مؤكد لمرة واحدة فقط في بداية عمره. تلك المعجزة، ذلك الشيء المجهول المؤدي إلى الأمنية الكبيرة، تلك القوة الخارقة التي قادتهم جميعا إلى مارسيليا، غرابة ذلك الأمر، لا يستطيع إلا معاودة التأكد مرة أخرى. ثم في النهاية يفكر في البحر الذي لم ينشطر حتى النهاية، رغم صلاته عند ثغر مارسيليا محاطا بعدد كبير من الأطفال، بل البحر يتلألأ بأشعة شمس الغروب في هدوء، ويرسل أمواجه المتتابعة.
لا يستطيع أنري تذكر متى فقد إيمانه؟ ولكن الأمر الذي يتذكره بغاية الوضوح الآن هو أعجوبة البحر العاكس لأشعة الغروب الذي مهما صلى ودعا لم ينشطر إلى نصفين. تلك الحقيقة التي تفوق وهم المعجزة ذاتها في غرابتها. تلك الدهشة التي اعترت قلب الفتى الذي قابل شبح المسيح بلا اندهاش، عندما واجه وقت الشفق البحر الذي يرفض تماما أن ينشطر.
نظر أنري إلى أفق البحر عند رأس إيناموراغاساكي البعيد، أنري الذي فقد إيمانه، لا يصدق الآن أن هذا البحر يمكن أن ينشطر إلى نصفين أبدا. ولكن تلك الروحانية التي لا يمكن فهمها حتى الآن، والفشل وقتها الذي لم يكن ليتخيله، إنها تخفي سرا داخل البحر المتألق بصبغة شديدة الاحمرار، ذلك البحر الذي لم ينشطر في النهاية.
على الأرجح لو كان للبحر أن ينشطر إلى نصفين مرة واحدة في حياة أنري بأكملها، لكان يجب عليه ألا يفعلها في تلك اللحظة. حتى في مثل تلك اللحظة، حدثت تلك الأعجوبة عندما امتد البحر المتوهج في لهب الغروب صامتا.
Halaman tidak diketahui