Muhtar al-Ahbar
مختار الأخبار
Genre-genre
والسمج مستحسنا ، فأطمعك أملك الخائب في نيل النجوم ، وجمرك طمعك الكاذب فبادرت إلى قنص الأسود بالهجوم . لتعلم إذا نزل بك الخطب أن ليس لك منه ولي ولا ناصر ، ولو كان لك أمير أو عندك عاقل مشير لأشار عليك بطلب العفو عما اجترمته من الجريمة ، وارتكبته من العظيمة ، من الملك الناصر ، والأسد الكاسر ، ومن عساكره الليوث العوابس ، والبدور في الحنادس ، الذين ضاق عليهم الفضاء ، وتحرقت أكبادهم عليك باللظى ، فالنفوس تتلهب عليك غيظا وحنقا ، والعيون تفتنا من الجلامد عند اللقاء ، قد أكل الحقد أكبادهم ، وقدح الأسف زنادهم ، فهم بين متأسفين عليك ، ومتشوقين إليك ، قد ندموا على ما فرط من أيديهم ندما أفاض منهم العيون دما ، فما بينك وبينهم سوى أن تطلع عليك أعلامهم المنصورة ، وفرسانهم المشهورة ؛ فتأهب لحرب تنسيك ما حل بأبائك الأقدمين ، وتعرفك سوء عاقبة الظالمين . وعجبنا بافتخارك بما جرى في هذه الوقعة ، وما أظهرت بها من المفخرة والسمعة ، فلو رجعت إلى عقلك الغائب ، وظئك الخائب ، وأملك الكاذب ، لعلمت أن الجواد يكبر ، والشمس المنيرة تخبو ، وإذا حقق معك المقال ، ووقع التناصف في المحال ، علمت أنك المخذول المقهور ، وعسكرنا هو القاهر المنصور ، لأن الذين قاتلوا من عسكرنا شرذمة يسيرة ، وعصابة غير كثيرة ، وقد قتلوا من عسكرك أمما كثيرة ، وعساكر عظيمة حقيرة ، وكم لنا من قبل من هزيمة ، وكم لنا عليك من يد جسيمة ، وما نفتخر بشيء منها ، ولا تخبر بشيء عنها ، فأنتم أعدم الأمم نخوة ومروعة ، وأقلهم شيدة وقوة ، إنما تقاتلون بأميال من بعيد وتفتخرون بكثرة العدد والعديد ، وعادة آبائك الاعتصام منا بالفرار وتولية الأدبار ، فتداركوا مافات ، وجبوا جموعكم القتل والشتات ، واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ، فلولا أنكم لمون بالإسلام ، والتزام الأحكام ، لغزوناكم في أماكنكم ، وأخرجناكم من مواطنكم ؛ وقد أعذر من أنذر ، وأنصف من حذر ، وقد قال الله تعالى في كتابه المبين : هر وإما تخاف من قوم خيانه فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين . فخذ ما اشترطناه عليك ، والتزم مارسمناه إليك ، فقد غزوت غزوة لاانفصال إلا بالتزامها ، وهفوت هفوة تؤذن الغزوتك بانفصامها ، ولولا ما جلونا عليك من العلم ، وعجلنا عليك من الحلم ، لعاجلناك بالعقوبة قبل الإنذار . فحذار من المخالفة حذار .
إلى بغداد استحضرهم قازان ، ورسم للقاضي عماد الدين أن يتوجه إلى بعض المدارس ، والإمام من الفقهاء بمن يجانس ، وأحضر المجيري واستعاذ منه المشافاة ، فأعادها عليه ، وأوصل الكتب السلطانية إليه ، وإنه قال له « أنا سمعت أنه لما وصلت إليكم سلي جمعتم العساكر التي لكم في الليل ، وألبستموهم الثياب المزركشة ، والخلع الذهبية المدهشة ، وأريد أن أريك مقدار عساكري . ثم أمر أن يطاف به على خيام عسكره ، وكان هو صقهم على ترتيب متوال ، ونظام متتال حتى تطاول مداهم ، وامتدوا في عين من يراهم . فطيف بالمذكور في العسكر أياما ، ثم أعيد إليه ، فرسم عليه ، وأودعه الحلة وقيل الكوفة .
Halaman 122