Masyarakat Madani dan Budaya Reformasi: Visi Kritis terhadap Pemikiran Arab
المجتمع المدني وثقافة الإصلاح: رؤية نقدية للفكر العربي
Genre-genre
السؤال الآن: كيف يمكن لثقافة الغرب عن المواطنة المدنية - بعد أن سادت ثلاثة قرون وفرضت مفاهيمها ورؤاها على العالم باعتبارها النظرة الميتافيزيقية الكلية إلى العالم والتي قدمها التنوير - أقول كيف يمكن لها أن تعيد تأويل ذاتها لتحديد معالم أسلوب ثقافي جزئي للحياة مميزا عن الآخرين، أسلوب حياة له معاييره ولكنه قاصر فقط على مواطني الديمقراطيات الليبرالية في شمال الأطلسي؟
أزمة الثقافة الغربية هي أن الأفكار السياسية الليبرالية الحداثية التي كانت حاسمة لخلق ثقافة مدنية ليبرالية، ثقافة المجتمع المدني، فقدت مصداقيتها، ومن ثم بات لازما البحث عن أشكال جديدة فعالة للثقافة المدنية وللتعليم المدني وإعادة تأسيس المجتمع المدني، وغني عن البيان أنه لكي تؤدي المؤسسات الحرة في المجتمع المدني بعد الحداثي أو بعد التنويري دورها بكفاءة يلزم توفر مواطنين طوروا بالفعل المواقف والاستعدادات والقيم المعيارية الملائمة للمواطنة المدنية لعصر ما بعد التنوير: الإيمان بالتنوع وحرية الذات والآخر واستقلال العقل والمساواة بين الجميع وحق الاختلاف فيما بينهم.
وضمانا لتحقق هذا الشكل ولتكاثر هؤلاء المواطنين المدنيين يجب أن يمتلك المجتمع الوسائل الثقافية التي تمثل وتعبر لنا عن المعايير الديمقراطية الليبرالية للحرية والمساواة بأسلوب متماسك مقنع ومتسق منطقيا، أي ابتكار شكل بعد حداثي لثقافة مدنية جديدة، شكل يجسد معايير الحياة المدنية في صورتها الجديدة، دون حاجة إلى معايير معرفية كلية، أي إسقاط الشمولية المعرفية.
وإذا كانت قضية المجتمع المدني في ضوء ما سبق، وحسب التعريف والتاريخ المحددين لها قضية خارجية (غربية)، أعني ليست قضية مصرية أو عربية، وإنما نحن نرددها، كما جرت العادة، ونكون رجع صدى لقضايا الفكر الغربي: الطريق الثالث، الشمولية، والمجتمع المدني ... إلخ؛ إذن يكون السؤال هو: ما هي قضيتنا نحن بالفعل، إذا لم تكن بنية المجتمع المصري، ولا أي من المجتمعات العربية، تجسيدا لصورة المجتمع المدني؟ وطبيعي أن ما يسمى «إصلاحا» منشودا رهن فهمنا لطبيعة مجتمعنا نحن التزاما بالخصوصية. (4) الإصلاح
شهادة الأمم والتاريخ
تنبثق الدعوة إلى التغيير من بين ركام الفشل، ويولد النهج والنظرية من بين تنوع وصراع الآراء، وتاريخ الأمم التي ثارت على واقعها وخطت بقوة وعزم على طريق النهوض والتجديد شاهد على هذا، أبدعت أوروبا إطارها الفكري التنويري، الذي تجاوزت به عثرات ومآسي الحروب العرقية والدينية والطبقية على مدى مائة عام، وبنت نهضتها وتقدمت، وسادت ثقافة المواطنة المدنية والمواطن المدني في مجتمع مدني، وأبدعت اليابان نهجها للوحدة والتقدم بعد صراعات وحروب محلية امتدت خلال القرن السابع عشر، وعانت آلام صراع فكري بين التقليد والتجديد على مدى القرن الثامن عشر، ثم تساءل الجميع، «أيهما أحب إليك، كونفوشيوس أم الحقيقة؟»، وكان جواب الجميع: «لقد كان كونفوشيوس ساعيا للحقيقة يؤثرها على نفسه»، وانتصرت الحقيقة، حقيقة عصر العلم والتجديد، أو العقل والواقع، وأصبح امتدادا حضاريا لتراث اليابان وثقافتها في صورة جديدة، ومهد عصر الطوكوجاوا، وهو عصر الصراعات الفكرية، الطريق للنهضة التي انعقدت ولايتها لعصر الميجي.
وشهدت الصين في تاريخها القديم (500-600) قبل الميلاد صراعات دموية في عصر الممالك المتحاربة، وظهرت مدارس فكرية تتأمل أسباب الأزمة، وهي المدارس الست، ومن أهمها مدرسة كونفوشيوس، ومع العديد من المفكرين مثل منشيوس وهسون تزو، وراج شعار أو حكمة صينية قديمة: «دع مائة زهرة تتفتح، ودع مدارس الفكر تتصارع»، وصاغ الحكماء نهجا للاستقرار والنظام والحكم الصالح، كذلك الحال في تاريخ الصين الحديث، فقد شهدت الصين في النصف الأول من القرن العشرين صراعات فكرية وحروبا، ودارت معارك بين دعاة التحديث والتقليد، وتناظر الصين مصر في هذه المرحلة، إذ عرفت الصين - مثلما عرفت مصر - العديد من دعاة التحديث/التغريب، وانتشرت ترجمات لمدارس الفكر الغربي: داروين وهكسلي وغيرهما، وزار بكين برتراند رسل، وجون ديوي وغيرهما حيث ألقوا المحاضرات، ولكن الصين خرجت من الحروب والصراعات إلى نهج جديد تطور مع تجارب السنين، وأبدعت الصين إطارها الفكري التنويري الذي يحمل كل عناصر الثقافة الصينية التاريخية في صيغة تأويلية جديدة تدعم وتدفع حركة التطوير والتقدم.
هكذا استطاع المفكرون في هذا البلد أو ذاك أن يستوعبوا الأحداث وأن يصوغوا نظرياتهم عن نهضة تتوفر إمكاناتها المادية في المجتمع وعن نوع الإنسان المنوط به الإنجاز وإمكاناته وقدراته. وكانت لكل بلد رؤيته المعبرة عن خصوصية قضاياه وثقافته، وليس غريبا أن يحتدم الصراع ويصل إلى حد الاقتتال والاتهام بالتجديف والفكر؛ إذ ثمة هدف ينشده الجميع، وثمة ضغوط اجتماعية وحضارية تحفز الجميع لالتماس سبيل للبناء وتحقيق الذات في الداخل وللمنافسة مع الآخرين، وسد الذرائع أمام الطامعين من الخارج، وكانوا جميعا يتطلعون بأبصارهم إلى المستقبل وليس إلى الماضي، ويقفون بأقدامهم على أرض الواقع، وليسوا محلقين مع تهويمات في الفراغ، ولهذا انتصر كل بلد أو إقليم على عوامل الشقاق والنزاع، وتوصل إلى نهج مميز للتحديث، ليس انسلاخا عن الذاتية القومية، وإنما امتداد حضاري لتراث تاريخي عريق، وقطيعة معرفية مع القديم الذي كان صالحا لزمانه، وتكيفا ناجحا مع مقتضيات العصر وتحدياته.
وأصبحت ثقافة التجديد والتطوير هي ثقافة المجتمع المعاصر، وأصبح المواطن فعالية وطنية نشطة في سياق حضاري جديد يواكب مقتضيات العصر، كانت القضية في وقت الأزمات في كل من هذه البلدان: تشخيص الداء، تحديد الهدف في سياق التحديات المحلية والخارجية، رسم المنهج اللازم للوصول إلى الهدف، بناء إنسان مواطن جديد في ضوء استراتيجية تطوير تعبر عن آماله وحاجاته وتطلعاته، وسيادة ثقافة وتعليم وإعلام هي قوة داعمة لبناء هذا الإنسان الحر الملتزم، المسئول الفعال، بمعنى أن الجهود دائما تصب - حسبما هو مفترض - في السعي من أجل تطوير فعالية الإنسان العام وتعظيم رأس المال البشري وإن اختلفت الثقافة الحضارية الجديدة من بلد إلى آخر حسب خصوصيته الثقافية والتاريخية.
وصنع التطوير رهن رصيد ومنتج أو عائد، رصيد يكفل قدرة الفرد أو الجماعة أو الأمة على صنع حياة ميسورة ومقبولة لتطوير حياة مادية ومعنوية صحية سوية في ضوء إطار مفاهيمي، وهو ابتكار ذاتي، لمعنى هذه الحياة وتحدياتها، ويتألف الرصيد من حزمة عناصر هي جماع رأس مال الأمة الاقتصادي والمالي والاجتماعي والإنساني: (1)
Halaman tidak diketahui