279

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Genre-genre

يقول: لا يكون أن يكونوا مختارين للإيمان قاصدين إليه ولو نزلت عليهم الملائكة، وكلمهم الموتى، وحشرنا عليهم كل شيء قبلا، وما كانوا ليؤمنوا ليختاروا الإيمان، والله غير موصوف بأنه يكون شائيا مريدا، كما لا يكون أن يكونوا مختارين للإيمان قاصدين إليه، والله يكون غير موصوف بأنه عالم بذلك، فإن قال قائل إنما قوله: (ولو شاء الله ما اقتتلوا) (¬1) يقول: لو شاء الله أن يضطرهم على الإيمان فلا يختلفون، قيل له: لو كان إنما أراد أنه لو شاء اضطرهم على الإيمان لكانوا إذن مضطرين على الفعل، كانوا غير موصوفين بأنهم مؤمنون؛ لأنه لا يجوز أن يكون مؤمنا من كان مستعملا في فعله، مضطرا عليه، لإبطال وجود الكسب عمن اضطر على فعل من الأفعال. ويقال للمعتزلة في قولهم: إن الإرادة من الله فعل يفعله، وهو عين الأمر بالطاعة، فإذا أحدث الإرادة لشيء فعله، وإذا أحدث الإرادة للإيمان أمر بالإيمان، ولا يجوز أن يكون يأمر بالشيء، وهو غير مريد له، فإذا أراده أمر به، فالإرادة غير الأمر. ويقال لهم: أرأيتم الإرادة لخلق ما خلق من الخلق، هل هي غير خلقه له؟ فقالوا: لا، ولكن الإرادة لأن يخلق الخلق هي خلقه له، فقيل لهم: إذا كانت العلة في إرادته الإيمان أنها عين الأمر به هي أنه لا يكون أن يأمر به إلا وقد أراده، فكذلك يلزمكم في أنه لا يخلق شيئا من الخلق إلا وقد أراده، فالإرادة متقدمة للخلق، كما كانت في الإيمان متقدمة للأمر به، وقد قال الله عز وجل ما يؤكد أن الإرادة غير الخلق لقوله: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) (¬2)

¬__________

(¬1) سورة البقرة آية رقم 253.

(¬2) الآية 40 من سورة النحل..

Halaman 81