245

Mujaz

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

Genre-genre

والوجه الثاني من الشركة على معنى المعاونة والاتفاق، وذلك كرجلين ملكا ملكا، أو أمرا أميرا، أو جيشا جيشا، أو هزما جندا، أو فتحا ثغرا، أو استعملا، أو استقضيا، أو اعتزلا، أو كانا ملاحين فسارا بسفينة في البحر، أو قتلا رجلا بأي وجه من وجوه القتل، ولو أنهما أجاعاه، أو أعطشاه حتى مات، أو دفعا شجرة فخرت، أو تجاذبا ثوبا فانخرق، أو اتفقا على أمر من الأمور فأمضياه، فإنه قد يقال في هذين: إنهما اشتركا على معنى: تعاونا واتفقا، وليست الشركة هاهنا حقيقة، بل هي مجاز واستعارة ، وسمي هذان شريكين في الفعل إذ كان فعلهما من جهة واحدة، ولا يجوز أن يقال: إن الله شاركهما، ولا شارك أحدهم في تمليك ملك، ولا في تأمير أمير، ولا في تجنيد جند، وهو تبارك وتعالى قد قوي على ذلك كله بالعدة والعدة، والمال والبسطة، إذ كانت الجهتان في ذلك مختلفين غير متفقين، وكذلك لا يجوز أن يقال: إن الله تبارك وتعالى شارك الملاحين في سير السفينة بالريح التي جعلها تجري بها السفينة، على أن الملاحين يقال: إنهما اشتركا في الرئاسة لذلك، وكذلك اللذان قلنا إنهما اشتركا في قتل رجل قد يكون أن يبعث الله إلى مقتولهما شيئا من الهوام الضارية، ومن السباع العادية فتعين في قتله، وذلك عند أكثرهم من فعل الله، أو يكون الله يمنع عنه الطعام والشراب، ويمنعان هما ذلك عنه إذا كان عندهما، ولا يقال مع هذا: إن الله شريك لهما، ولا أنهما أو أحدهم شريك لله في فعله، لاختلاف جهات الإضافة في الفعل ومعانيه. وكذلك اللذان دفعا شجرة، أو تجاذبا ثوبا، قد تكون الريح تعينهما على فعلهما، ولا يجوز أن يقال مع ذلك: إن الله شريكهما، أو لأحدهما، ولا أنهما أو أحدهم شريك لله في وقوع الشجرة، وانخراق الثوب؛ لأن الله فعل ذلك من غير الجهة التي فعلا منها، وهما فعلا من جهة غير الجهة التي فعل الله منها، ولسنا نجد للشركة وجها غير هذين الوجهين.

Halaman 47