وأما قولهم: لو كان فعل العبد خلقا لله لجاز أن يقال: إن العبد فعل خلق الله (¬1) ، فالجواب عن هذا أنه إنما يعبر عن القول من جهة ما تحسن العبارة عنه، إنما يقال: خلق الله فعل العبد، إذ ليس من فعل العبد ما لم يخلق الله، ولا يقال فعل العبد خلق الله؛ لأن من خلق الله ما لم يفعل العبد، وإنما هذا من جهة الأعم والأخص لا غير ذلك.
وأما قولهم: لو جاز أن يكون الله مريدا لأفعال العباد لجاز أن يكون مريدا للكفر والمعصية، فتحكموا وقالوا: هذا مما لا يجوز أن يوصف الله أنه يريده، فالجواب عن ذلك: إن كان القائل يذهب بقوله: يريد الكفر إلى أنه يحب الكفر، ويأمر به، ويرضاه فهذا فاسد، وإن كان يذهب بقوله: يريد الكفر إلى أنه يريد الكفر أن يكون في عينه كفرا قبيحا مذموما، معذبا عليه، مخالفا للإيمان، غير مأمور به، ولا مثاب عليه، فالجواب عن هذا بصلاته أنه جائز سائغ، ولا يجاب به مرسلا دون صلاته، لإزالة سوء الظنون عن أوهام السامعين عند ورود الجواب على أوهامهم، غير مفسر ولا موصول بصلاته التي يتبين الجواب بها ويصح.
¬__________
(¬1) روى الكعبي عن الجاحظ: أن لا فعل للإنسان إلا الإرادة، فلو صدق الكعبي فيما يقوله عن الجاحظ لزمه أن لا يكون الإنسان مصليا، ولا صائما، ولا حاجا، ولا زانيا، ولا سارقا، ولا قاذفا؛ لأنه لم يفعل عنده صلاة، ولا صوما، ولا حجا، ولا زنى، ولا سرقة، ولا قتلا، ولا قذفا؛ لأن هذه الأفعال عنده غير الإرادة. راجع الفرق بين الفرق 176.
Halaman 36