وكان مما احتجت به المشبهة من كتاب الله عز وجل أن قالوا: إن الله وصف نفسه في كتابه على لسان نبيه محمد _صلى الله عليه وسلم_، وهو أعرف بصفته منكم فقال: {الرحمن على العرش استوى} (¬1) وقال: {خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش} (¬2) والعرش معروف أنه جسم. عن ابن شهاب: "أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ سأل جبريل أن يتراءى له في صورته قال: إنك لا تطيق ذلك، قال: إني أحب أن تفعل، فخرج رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إلى المصلى في ليلة مقمرة، فأتاه جبريل عليه السلام في صورته، فغشي على رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ حين رآه، حتى أفاق وجبريل مسنده فقال: سبحان الله سبحان الله، ما كنت أرى أن شيئا من الخلق هكذا، فقال جبريل: فكيف لو رأيت إسرافيل إن له اثني عشر جناحا: جناح منها بالمشرق، وجناح بالمغرب، وإن العرش على كاهله، وإنه ليتضاءل أحيانا لعظمة الله، حتى يعود مثل الوضع حتى لا يحمل عرشه إلا عظمته" (¬3)
¬__________
(¬1) سورة طه، آية رقم 5.
(¬2) سورة الفرقان، آية رقم 59.
(¬3) هذا الأثر مرسل، وابن شهاب من صغار التابعين، ومن أوعية الحفظ والإتقان. قال أبو الزناد: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كلما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس، ولكن قال أحمد بن سنان: كان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء عقلوه. وقال الذهلي: لست أدفع رواية معمر عن الزهري. وقد ثبت من طرق أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل بصورته مرتين، وإذا تعارض حديثان قدم أصحها سندا، والله أعلم..
Halaman 114