اللاهوتي، والطبيعة اللاهوتية، واتحادهما وصيرورتهما إلى الإنسان، أعن سبيل النقلة من القديم كان لك أم على سبيل غير النقلة؟ فإن قالوا: عن سبيل النقلة أثبتوا مكانين؛ لأن النقلة لا تكون إلا عن مكان إلى مكان، فإن قالوا: على غير سبيل النقلة ولن يجدوا ذلك المعنى؛ لأن التحويل من شيء لا يجيء إلا على سبيل النقلة في الأماكن، فإن قالوا: إنما قلنا إن في المسيح من الروح اللاهوتي ومن الطبيعة اللاهوتية، لما يجري على يديه من اختراع الأجسام، وإحداث الأجرام، وتصيير الموتى أحياء، فعلمنا أن ذلك من الأفعال التي لا تحتملها طبيعة الإنسان، ولا روح الإنسان، قيل لهم: فإن كنتم إنما قلتم ما قلتم من ذلك لهذه العلة، فينبغي لكم أن تقولوا في جميع من ظهر على يديه مثل هذه الأشياء بأن فيه من الروح اللاهوتي والطبيعة اللاهوتية، فهذا موسى عليه السلام تحدث على يديه العجائب العظيمة، والأمور الجليلة، فينبغي لكم أن تقولوا في موسى بمثل الذي قلتموه في المسيح، وأنتم تقولون: إن عيسى أحيا أربعة أنفس، وتقرون أن حزقائيل أحيا ألوفا في وقت واحد، فما جعل المسيح أولى بما قلتم من حزقائيل؟ وقلتم: إن المسيح أشبع جماعة كثيرة من طعام يسير، وكانت أرغفة قليلة، ثم حمل منها بعد ما شبع الجماعة زنبيل، وأنتم تقرون أن الياه أحدث في إناء دقيقا ولم يكن فيه، وأحدث في إناء زيتا ولم يكن فيه زيت، وهذا أعجب من إحداث طعام من طعام، وكان له أصل، وهذا الذي أحدث الياه بزعمكم من غير أصل كان، فافرقوا في ذلك بين المسيح وبين الياه، وما جعل المسيح أولى بالذي قلتم فيه من الياه؟ فإن زعمتم أن المسيح صير ماء خمرا فقد تقرون أن المسيح ملأ عدة من الآنية ماء لامرأة، ثم صيرها زيتا، فهذا أعجب من ذلك؛ لأن الخمر أقرب شبها بالماء من الزيت به، وإن قلتم: إن المسيح مشى على الماء فأنتم تقرون أن يوشع (¬1)
¬__________
(¬1) هو يوشع بن نون من أنبياء بني إسرائيل، بعثه الله نبيا، فدعا بني إسرائيل وأخبرهم أنه نبي، وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين، فقاتلهم يوم الجمعة قتالا شديدا حتى أمسوا وغربت الشمس، ودعا الله تعالى فردت عليه الشمس فهزم الجبارين (الطبري 1: 227) نقلا عن هامش الملل والنحل 2: 10، نشر مكتبة الحسين التجارية 1948م).
Halaman 110