على أنه قد تند منه بعض الهنات الكلامية التى لا تثلم البلاغة، ولا تغض من شأوه، وفراهة أسلوبه.
فهو يدخل «قد» على الفعل المنفى. ففى «الخصائص ٢٠/ ١»: «كما أن القول قد لا يتم معناه إلا بغيره». وهذا لا يجيزه النحويون.
وهو يدخل «ال» على بعض، والنحويون لا يجيزون هذا، وإن جاء ذلك فى عبارة سيبويه والأخفش.
ومن أمثلة هذا ما جاء فى «الخصائص ٦٤/ ١»: «فلما كان الأمر كذلك واقتضت الصورة رفض البعض واستعمال البعض».
ويقول فى «الخصائص ٣٦/ ١»: «وبذلك تعرف حاله: أصلب هو أم رخو؟ وأصحيح هو أم سقيم؟» وتراه قدم حرف العطف على أداة الاستفهام، وهذا لا يجيزه النحو، والواجب أن يقال: أو صحيح هو أم سقيم؟ وكذلك يقول فى ص ١٥٩: «ثم ألا ترى».
ويقول فى «الخصائص ٣٤٨/ ١»: «وإنما جاز ذلك فى هذا الموضع لا لشئ يرجع إلى نفس أو، بل لقرينة انضمت من جهة المعنى: أى أو» وهذا أسلوب غير قاصد. فإن «لا» فى قوله: لا لشئ، عاطفة، ولم يتقدم معطوف عليه.
ويقول فى «الخصائص ٣٦١/ ١»: «لا سيما والأصمعى ليس ممن ينشط للمقاييس» ودخول الواو بعد لا سيما لا يجيزه بعض النحويين، وهو المرادى، وإن أجازه غيره.
***
علمه باللغة:
كان ابن جنى واسع الرواية والدراية فى اللغة، ونرى قدرا صالحا من اللغة مرجعه إلى هذا الإمام.
ومن أمثلة هذا ما جاء فى الخصائص فى باب «فى الشئ يسمع من الفصيح لا يسمع من غيره»، فقد أورد البيت:
مارية لؤلؤان اللون أودها … طل وبنس عنها فرقد خضر
ثم قال: «وقوله: بنس عنها، هو من النوم». وفى اللسان بنس: «قال ابن سيده: قال ابن جنى: قوله: بنس عنها، إنما هو من النوم، غير أنه إنما يقال للبقرة. ولا أعلم هذا القول من غير ابن جنى».
وفى اللسان فرح: «ورجل فرح، ومفروح، عن ابن جنى».
وقوله: «عن ابن جنى» راجع إلى الصيغتين الأخيرتين كما ذكره فى التاج.
وفى اللسان أيضا خرفع: «الخرفع، والخرفع، والخرفع-بكسر الخاء وضم الفاء-الأخيرة
1 / 53