وأخرج الدار قطنى بسند صحيح عن على أنه سئل عن السبع المثانى، فقال: الحمد لله رب العالمين، فقيل له: إنما هى ست آيات، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم آية.
وأخرج الدار قطنى وأبو نعيم والحاكم فى تاريخه بسند ضعيف عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: كان جبريل إذا جاءنى بالوحى أول ما يلقى علىّ: بسم الله الرحمن الرحيم.
وأخرج الواحدى من وجه آخر عن نافع، عن ابن عمر قال: نزلت بسم الله الرحمن الرحيم فى كل سورة.
وأخرج البيهقى من وجه ثابت عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقرأ فى الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم، وإذا ختم السورة قرأها، ويقول: ما كتبت فى المصحف إلا لتقرا.
وأخرج الدار قطنى بسند صحيح عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قرأتم الحمد، فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها أم الكتاب والسبع المثانى وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها».
وأخرج مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله ﷺ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسما، فقال: «أنزلت علىّ آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر. . .» الحديث.
فهذه الأحاديث تعطى التواتر المعنوى بكونها قرآنا منزلا فى أوائل السور.
ومن المشكل على الأصل ما ذكره الإمام فخر الدين الرازى، قال: نقل فى بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن، وهو فى غاية الصعوبة؛ لأنا إن قلنا: إن النقل المتواتر كان حاصلا فى عصر الصحابة، يكون ذلك من القرآن فإنكاره يوجب الكفر، وإن قلنا: لم يكن حاصلا فى ذلك الزمان، فيلزم أن القرآن ليس بمتواتر فى الأصل، قال: والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة.
وكذا قال القاضى أبو بكر: لم يصح عنه أنها ليست من القرآن ولا حفظ عنه إنما حكها وأسقطها من مصحفه إنكارا لكتابتها لا جحدا لكونها قرآنا؛ لأن السنة كانت عنده أن لا يكتب فى المصحف إلا ما أمر النبى ﷺ بإثباته فيه، ولم يجده كتب ذلك ولا سمعه أمر به.
وقال النووى فى شرح المهذب: أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئا كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.
وقال ابن حزم فى كتاب القدح المعلى تتميم المجلى: هذا كذب على ابن مسعود وموضوع، وإنما صح عنه قراءة عاصم، عن زر، عنه وفيها المعوذتان والفاتحة.
وقال ابن حجر فى شرح البخارى: قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك فأخرج أحمد
1 / 29