ير منهم أحدًا».
ثم يقول الأزهري تعليقًا على ذلك:
«قد اعترف البشتي بأنه لا سماع له في شيءٍ من هذه الكتب، وانه نقل ما نقل إلى كتابه من صُحفهم، واعتلَّ بأنه لا يزري ذلك بمن عرف الغثَّ من السمين. وليس كما قال، لأنه اعترف بأنه صحفي، والصحفي إِذا كان رأس ماله صحفًا قرأها فإِنه يصحّف فيكثر، وذلك انه يخبر عن كتبٍ لم يسمعها، ودفاتر لا يدري أصحيح ما كُتِب فيها أم لا. وان اكثر ما قرأنا من الصحف التي لم تضبط بالنقط الصحيح؛ ولم يتولَّ تصحيحها أهل المعرفة؛ لَسقيمة لا يعتمدها الاّ جاهل».
«وأما قوله: ان غيره من المصنفين رووا في كتبهم عمَّن لم يسمعوا منه مثل أبي تراب والقتيبي، فليس رواية هذين الرجلين عمن لم يرياه حجة له، لأنهما وانْ كانا لم يسمعا من كل مَنْ رويا عنه فقد سمعا من جماعة الثقات المأمونين. فأما أبو تراب فإِنه شاهد أبا سعيد الضرير سنين كثيرة، وسمع منه كتبًا جمة. ثم رحل إلى هراة فسمع من شمر بعض كتبه. هذا سوى ما سمع من الأعراب الفصحاء لفظًا، وحفَظه من أفواههم خطابًا، فإِذا ذكر رجلًا لم يره ولم يسمع منه سومح فيه وقيل: لعلَّه حفظ ما رأى له في الكتب من جهة سماعٍ ثبت له، فصار قول مَنْ لم يره تأييدًا لما كان سمعه من غيره، كما يفعل علماء المحدّثين فانهم إِذا صحَّ لهم في الباب حديث رواه لهم الثقات عن الثقات أثبتوه واعتمدوا عليه، ثم ألحقوا به ما يؤيده من الأخبار التي أخذوها اجازة».
«وأمّا القتيبي فإِنه رجل سمع من أبي حاتم السجزي كتبه، ومن الرياشي سمع فوائد جمة، وكانا من المعرفة والاتقان بحيث تثنى بهما الخناصر، وسمع من أبي سعيد الضرير، وسمع كتب ابي عبيد، وسمع من ابن أخي الأصمعي.
وهما من الشهرة وذهاب الصيت والتأليف الحسن بحيث يُعْفى لهما عن خطيئة
1 / 26