Perbualan Alfred North Whitehead
محاورات ألفرد نورث هوايتهد
Genre-genre
المحاورة الثالثة عشرة
17 من يناير 1939م
أصبح هوايتهد الآن أستاذا متقاعدا، وقد بلغ التاسعة والسبعين من عمره، ورحل وأسرته منذ تقاعده - نظرا لانخفاض الدخل - من راندور هول إلى مسكن ذي أربع حجرات في فندق أمباسادور بشارع كمبردج، وتطل النوافذ من الطابق الخامس على قمم الأشجار جنوبا، وترى من الناحية الغربية الأفنية الخضراء والأشجار الظليلة، والدلتا التي تقع فيها تلك الكاتدرائية العلمانية، المشيدة من الطوب الأحمر، مموريال هول.
وقد رصت أكثر كتب مكتبته في هذا المسكن؛ فكانت حجرة الدرس مليئة بالكتب الموضوعة فوق الرفوف التي تحيط بجدران الحجرة الأربعة من الأرض إلى السقف، لا يقطع اتصالها إلا باب واحد ونافذة واحدة كبرى، وكان بحجرة الطعام ثلاثة جدران أخرى من رفوف المكتب، وقد رصت في أناقة بالغة، حتى إن الرائي لا يحس أنها في غير موضعها، وحجرة الجلوس فسيحة إلى درجة مقبولة، وترتيب الأثاث فيها بارع، مما يترك أثرا طيبا في النفس، حتى إن الجالس فيها لا يفتقد الموقد، برغم عدم وجوده، إلا قليلا، فإذا ما دار الحديث لا يفتقده بتاتا، وجدران المسكن - كما كانت في راندور هول - تصطبغ بلون يكاد يكون أسود، ولكنه يريح البصر ولا يشيع الكآبة.
ولما لم يعد ممكنا لهما أن يدعوا إلى حفل عشاء؛ فقد كانا يدعوان الضيف إلى ما بعد العشاء للحديث. وقد وصل بسيارته روبرت كننجهام قادما من أكستر، وكنا نتناول العشاء في زي السهرة بدبرجن بارك في حي السوق، وهو أمر عادي لأن الرجال والنساء يقصدون هذا المكان للعشاء قبل ارتياد الأوبرا بالزي الرسمي الكامل، ويجذبهم إليه أن العشاء فيه أفضل منه في الفنادق الفاخرة، وبسعر السوق.
ولما رآنا أحد تلاميذ كننجهام السابقين في أكستر، وهو الآن مستجد بهارفارد، تقدم إلينا، وتحدث معنا. رأى أستاذه مرتديا زيا كاملا ويتناول عشاءه في السوق، فإلى أين يقصد؟ وثارت عواطف الشاب وكاد يلتهمه الفضول.
فسأل قائلا: «هل أنت على موعد؟»
فأجاب كننجهام: «نعم، وهو ثقيل.»
وكان يتحرق شوقا إلى المعرفة، وأخيرا قال كننجهام: «نحن ذاهبان إلى بيت الأستاذ هوايتهد
وعاد إلى نك رشده وصوابه .
Halaman tidak diketahui