كِتَابُ الْمُحَارَبَةِ مِنْ مُوَطَّإِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ رِوَايَةُ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيِّ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَقَابَلْتُهُ بِكِتَابِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ، صَحَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَسَمِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّبَعِيُّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي سُحْنُونٌ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، وَأَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ قَالُوا: وَحَدَّثَنِي بِهِ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ سُحْنُونٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، صَحَّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ
وَأَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ قَدْ جُلِدَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: مَا هَذَا، فَقَالُوا: رَجُلٌ كَانَ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: هَذَا الْفَسَادُ فِي الأَرْضِ، وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ ذَلِكَ
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَاعِدًا وَهُوَ إِذْ ذَاكَ أَمِيرٌ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، وَقَدْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ وَحَلَقَهُ وَأَمَرَ بِهِ فَطِيفَ بِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَقْطَعُ الدَّرَاهِمَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرَدَّ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَقْطَعَ يَدَكَ إِلا إِنِّي لَمْ أَكُنْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُ فِي ذَلِكَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْطَعْ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ضَرَبَ رَجُلا فِي قَطْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمَ
وَأَخْبَرَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ [هود: ٨٧] قَالَ زَيْدٌ: كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَطْعُ الدَّرَاهِمِ.
قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: وَذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ ٧ - قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ﴾ [هود: ٨٧]، مِثْلَ مَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ.
- قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ، وَفِي ذَلِكَ الْعُقُوبَةُ مِنَ السُّلْطَانِ لِمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ يَقْطَعُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ.
- قَالَ: وَسَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ ذَلِكَ.
مَا جَاءَ فِي الْمُحَارِبِ وَالْقَاطِعِ لِلسَّبِيلِ ١٠ - ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: مَا كَانَ مَنْ قَتَلَ غِيلَةً عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ، أَوْ مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ عَنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ فِي دِينٍ وَلا شُبْهَةٍ إِلا خُلُوعًا وَفِسْقًا وَمُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُرُوقًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَهْلِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ قَبْضٌ وَلا شَرْطٌ مِنْ عَفْوٍ وَلا غَيْرِهِ، إِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
- قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: قَتْلُ الْغِيلَةِ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ رَجُلا عَلَى غَيْرِ ذِحْلٍ وَلا عَدَاوَةٍ، وَأَنْ يَقْتُلَ رَجُلٌ عَلَى مَالِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يُعْفَى عَنْهُ، لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالنَّائِرَةِ، وَإِنَّمَا قَاتِلُ الْغِيلَةِ يُعَدُّ مِنَ الْمُحَارِبَةِ، فَمَا كَانَ مِنْ قَتْلِ غِيلَةٍ عَنْ غَيْرِ ظِنَّةٍ وَلا عَدَاوَةٍ وَلا نَائِرَةٍ إِلا مُحَارَبَةً لِلْمُسْلِمِينَ بِلُصُوصِيَّةٍ، فَإِنَّمَا وَلِيَ ذَلِكَ الإِمَامُ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: مَنْ حَارَبَ الدِّينَ فَقَتَلَ قَتِيلا أَوْ قَتَلَ رَجُلا غِيلَةً عَلَى مَالِهِ، فَالسُّلْطَانُ يَقْتُلُ بِهِ، لَيْسَ إِلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ مِنْ حَيَاتِهِ وَلا مَوْتِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ ١٣ - وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِيمَنْ حَارَبَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَلانِيَةٍ أَوْ غِيلَةٍ أَوْ فَسَادٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَالإِمَامُ وَلِيُّ عُقُوبَتِهِ يَقْتُلُهُ بِقَتْلٍ إِنْ قُتِلَ فِي عَلانِيَةٍ أَوْ غِيلَةٍ بِالْفَسَادِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْفَسَادِ، مِنْ ذَلِكَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَالِ يَكُونُ مَعَهُ، أَوْ قَطْعُ السَّبِيلِ بِالْخَرَابَةِ أَوِ اللُّصُوصِيَّةُ فِي الْعَلانِيَةِ، أَوِ الْغِيلَةُ أَوِ الْغَارَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَالْفَسَادُ الْمَشْهُورُ فِي الأَرْضِ، وَالرَّدْعُ الَّذِي يُعَادِي فِيهِ وَلِيَّ الأَمْرِ، وَيُظْهِرُ فِيهِ مَعْصِيَتَهُ حَتَّى يَعْظُمَ فِيهِ الْفَسَادُ، كُلُّ هَذَا مِمَّا ذَكَرَ اللَّهُ فِي الآيَةِ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ سَمْعَانَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُحَارِبِ الْخَارِبِ إِذَا قَتَلَ عُدْوَانًا وَبَغْيًا وَفَسَادًا فِي الأَرْضِ وَغِيلَةً فِي الدِّينِ وَلَمْ يُصِبْ مِنَ الأَمْوَالِ شَيْئًا أَنَّ الأَئِمَّةَ وُلَاةَ قِبَلِهِ يَقْتُلُونَهُ، لا يَصْلُحُ لِلإِمَامِ اسْتِبْقَاءَهُ، وَإِنْ قَتَلَ أَبَا رَجُلٍ أَوْ أَخَاهُ وَعَفَا عَنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، خَالَفَ الإِمَامُ السُّنَّةَ إِنْ أَحْيَاهُ.
وَإِذَا أَصَابَ الأَمْوَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلافٍ، وَإِذَا أُخِذَ فِي تُهْمَةٍ فِي الْخَرَابَةِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ إِلا بِحَقٍّ قَامَ عَدَائُهُ، وَظُهُورُ الْفِسْقِ فِي أَمْرِهِ نُكِّلَ وَنُفِيَ إِلَى بَلَدٍ سِوَاهُ، وَحُبِسَ فِي السِّجْنِ وَلَمْ يَنْبَغِ لِلْوَالِي أَنْ يُرْسِلَ بِبَلَدِهِ مَنْ يَتَخَوَّفَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ
وَأَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: نَرَى أَنْ يُقْتَلَ مَنْ قَتَلَ، وَيُقْطَعُ مَنْ غَصَبَ الأَمْوَالَ، وَيُجْتَهَدُ فِي مَنْ أَخَافَ النَّاسَ، وَإِنْ قَطَعَ فِيهِمَا الإِمَامُ أَوْ رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ اتَّبَعَ فِيهِمْ رَأْيَهُ وَيُنَكَّلُ مَنْ يَأْوِي مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ
1 / 1