Muhammad Ali Jinnah
القائد الأعظم محمد علي جناح
Genre-genre
فاستقلال جناح برأيه غير مستغرب مع عزة نفسه والاعتداد بكرامته، ولكنه قد أوتي في مزاجه المطبوع أسبابا كثيرة من أسباب الاستقلال بالرأي والجرأة على مخالفة الآراء الشائعة، ولو بلغت مبلغ الإجماع.
ومن مفارقات العظمة ما هو عجيب يناقض المألوف، ولا بد أن تكون العظمة عجيبة مناقضة للمألوف، ولكن الأعجب من كل عجب ما يناقض المألوف في بنية الجثمان، ويكاد أن يكون بدعا في تركيب الأمزجة والأعصاب، وكل من عاشر جناحا وتابعه في تفكيره قد فوجئ بأعجب الأعاجيب في هذا الباب.
قال «جون جنتر» صاحب الكتب العالمية عن داخل أوروبا وداخل آسيا وداخل أمريكا أنه لا يبالغ إذا قال إن جناحا هو أنحف رجل رآه، وقد رأى العالم المعمور كله أو كاد.
ونظرة إلى صورة جناح في أية صفحة من صفحات الصور تؤكد هذه الملاحظة، وتسمح لكل قارئ أن يقول ما قاله جنتر بالقياس إلى أهل جيرته وأهل بلاده، فالحق أننا لا نذكر أننا عبرنا في مقابلاتنا ومشاهداتنا برجل أنحف من القائد الأعظم كما رأينا في صوره، وقد رأينا منها العشرات بين سن العشرين وسن السبعين.
هذا الرجل النحيف لا بد أن يكون قصبة في مهب الريح.
هذه الأعصاب الدقيقة لا بد أن تكون ثورة دائمة وأوتارا تهتز بلمسة من إصبع أو نفخة من هواء.
هذه البنية النحيلة لا بد أن تذهب بها صيحة وتعود بها صيحة أخرى، ولا بد أن تقضي أيامها نهبا مقسما بين الاندفاع والارتجاع.
أهي كذلك في الواقع؟
أكان الرجل عصبيا بالمعنى الذي نقصده حين نتكلم عن العصبيين؟
إن القارئ ليحسب أنه يهنئ نفسه بالاعتدال والإنصاف إذا قال بعد تردد: لا معاذ الله ... هذا رجل قمين أن يضبط أعصابه ويكبح جماحه نزولا على مطالب الزعامة ومقتضيات السياسة ... ولكنه لا يكاد يعلم الحقيقة عنه حتى يعلم أن وصفه بهذه الصفة إجحاف وخطأ، فإن أعصابه لم تخنه قط حتى يحتاج إلى ضبطها، ولم يكن ممن يجمحون فيعوزهم كبح الجماح، وقد ينتفض غضبا إذا قوطع أو خوطب بما يمس كرامته ويخل بوقاره، ويفوه بالعبارة حينئذ فيبدو من كل كلمة فيها أنها عبارة لا يقع عليها رجل غيره إلا بعد روية ساعات.
Halaman tidak diketahui