Muhammad Ali Jinnah
القائد الأعظم محمد علي جناح
Genre-genre
أمن المصادفة ما حدث بعد هذا أم من تلاحق الأسباب الكثيرة وتلاقيها في وقت واحد غير منظور قبل ذلك؟
قد يكون هذا وذاك تعبيرين مختلفين لمعنى واحد، فليست المصادفة إلا أسبابا مجهولة أو غير مستقصاة إلى نهايتها، ولكننا على كل حال لا ننوي أن نرجح قولا من القولين في هذا السياق؛ إذ الأمر المحقق أن القائد الأعظم قد برز للزعامة في السياسة الهندية خلال هذه الآونة بعينها، وأنه كان على آراء مخالفة لآراء زعماء المسلمين في مسألة الخلافة وفي مسألة المقاومة السلبية، فكان أحق الزعماء بأن يتناول عصا القيادة في الآونة التي فترت فيها حركة الخلافة، وبطل التعاون من جرائها بين المسلمين والبرهميين في المقاومة السلبية.
كان جناح من مبدأ الأمر يؤمن بضياع الجهود التي تبذل في الهند لتأييد الخلافة العثمانية، وكان يؤمن كذلك بأن المقاومة السلبية سياسة ضررها بالهنود في النهاية أكبر من ضررها بالدولة البريطانية.
فلما تحولت جهود المسلمين الهنود إلى الداخل كان أصلح الزعماء لتوجيه تلك الجهود زعيم يحصر جهوده في بلاده، ولا يسلم مقودها لمن يتخذون مسألة الخلافة وسيلة للمناورات السياسية، ولم يكن تضافر المؤتمر وزعماء المسلمين على نصر الخلافة الإسلامية إلا مناورة من المناورات التي لا يسيغها طبع جناح، ولا تدخل في تفكيره ولا في شعوره.
وكان اجتماع الخواطر على استقلال المسلمين بدولتهم في الهند نتيجة طبيعية لقنوطهم من عمل شيء ناجع في إبقاء الخلافة العثمانية بعد أن تخلى عنها أبناؤها.
والمسلم على الدوام يفرق بين الحاكم وولي الأمر في فرائض الطاعة والمعاونة، فهو لا يدين بالطاعة لغير الله ولا يقبل الحكم من «ولي الأمر» إلا لأنه يتولاه بأمر الله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أما «الحاكم» الذي ليس «وليا للأمر» فطاعته ضرورة قاسرة، والخروج عليه واجب كلما امتنعت هذه الضرورة القاسرة، وقد كان العزاء من قبل أن ولي الأمر قائم بالخلافة وإن كانت ولاية روحية، فأما ولا خلافة فليس من المعقول أن يخرج المسلمون من طاعة الدولة البريطانية ليدخلوا في طاعة الدولة البرهمية، وخير العوض في هذه الحالة قيام دولة مستقلة للمسلمين في بلادهم، إن لم تكن هي دولة الخلافة فهي حكومة اختيار لا حكومة اضطرار في غير موجب للاضطرار.
كذلك كانت مسألة الخلافة - من مسائل العالم الإسلامي الكبرى - عاملا مهما في قيام الباكستان، وفي توجيه القيادة إلى الزعيم الذي آمن منذ البداءة بحصر الجهود في هذه الناحية، فكان هذا أيضا تفسيرا واضحا للزعامة التي تقود الجماهير بالقول الصادق الصادع، من غير تأثير ولا اضطرار إلى أساليب التأثير.
الملتقى
والملتقى هو ملتقى القضية وزعيمها، ملتقى الباكستان والرجل الذي رشحته الحوادث لقيادة المساعي المتشعبة التي جمعت شملها وأبرزتها كما هي اليوم دولة بين كبريات الدول في القارة الآسيوية، وفي العالم بأسره.
Halaman tidak diketahui