Muhammad Ali Jinnah
القائد الأعظم محمد علي جناح
Genre-genre
ولمن يشاء على نحو من أنحاء التعبير أن يقول: إن الزعيم البرهمي طيلاق كان شريكا قويا لأحمد خان في تدعيم بناء الباكستان، وإن تحريضه في هذا الباب كان أقوى من حض الزعيم المسلم مع اختلاف المقصد والواسطة، فما من أحد من رواد الباكستان عمل على إقناع المسلمين بضرورة الانفصال كما عمل طيلاق، ولا نحسب أن هذه الخطة كانت طيشا من الرجل أو جهلا منه بالعواقب، ولكنه على الأرجح علم أن النزعة الوطنية وحدها لا تكفي لتنبيه أبناء قومه وإيقاظ نخوتهم؛ فعمد إلى نزعة تستثار بها القوة في طبائعهم؛ وهي نزعة العقيدة التي تمتزج بعاداتهم وموروثاتهم وأحوال معيشتهم، وتعمد أن يلهبها ويستفز النفوس من جانبها غير جاهل بالعواقب أو مندفع مع الطيش والرعونة، فهجم وهو يقصد الهجوم ويحسب أنه دون غيره طريق النصر المرسوم.
على أن السيد أحمد خان قد أثبت في حياته وبعد مماته أنه كان بحق مربي قادة ومربي أمم، فإنه أخرج من مدرسته تلاميذ يستقلون بالرأي، ولا ينقادون ليقين أستاذهم انقياد المقلد المتبع الذي يمشي وراء دليله مغمض العينين؛ فما من واحد من خريجي عليجرة أو مريديه المقربين إلا وقد اجتهد في قضية الوحدة اجتهاده، وعالج ما استطاع أن يوحد أقوامه وبلاده، وما من واحد منهم قد بدأ من حيث انتهى الزعيم الكبير، بل عاد كل منهم إلى أول الطريق يبدؤها حيث قدر أنه واصل إلى الغاية التي التوت على زعيمه، ونهج كل منهم نهجه غير مقلد لزعيمه، ولا مقلد لعامل آخر من زملائه وأبناء مدرسته.
كان بحق مربي قادة ومربي أمم، وصدقت فراسته حين لخص القيادة النافعة كلها في كلمة واحدة: وهي «علم ثم علم ثم علم» ... وليست هناك قيادة لا تضل بصاحبها أقوم من قيادة التعليم.
أما تربيته الأمم فقد ظهرت في بعثه الحياة بين قومه في زمرة أنصاره وخصومه، وقد عيب عليه بلسان أقرب المقربين إليه أنه كان مفرطا في الصراحة، عنيدا في الحق، صلبا في مقارعة المعارضين بالحجة الواضحة وإن كانت مؤلمة جارحة، ولكن هذه الصراحة التي لا تعرف المواربة هي التي ابتعثت القوة والثقة في معسكره ومعسكر خصومه، فمات والمعسكران معا في حركة دائمة واستعداد متجدد، واستفادت أفكاره ممن أيدوها وممن فندوها على السواء، وكان كل تلميذ له يعمل وكل معارض له يعمل، وكل عمل يثمر بعض الثمرة، ويغرس من ثمرته شجرة نامية وارفة الظلال.
الشاعر «ألطاف»
من مريديه الذين والاهم بعطفه وتأييده الشاعر ألطاف حسين «حالي» الملقب بشمس العلماء، وقد فطن السيد لعبقريته، وعلم فضل الشعر في تربية الأقوام الناهضة؛ فاقترح عليه أن ينظم ملحمة شعرية مطولة في تقدم الإسلام وتأخره، فنظمها وأهداها إلى كلية عليجرة، وعرفت باسم المسدسات، واستظهرها كثير من شبان عصره وشيوخه، وكان «الحالي» صوفيا على مذهب محيي الدين ابن عربي في حب جميع الناس ومصافاة جميع الأمم، يقول كما قال محيي الدين:
أدين بدين الحب أنى توجهت
ركائبه فالحب ديني وإيماني
بل كان فضل النبي الأكبر كما قال في ختام قصيده «إنه صديق كل نفس إنسانية، عطوف على القريب والبعيد، سواء عنده المكي، والزنجي، والشامي، غفور للمسيء، يسدي الخير حتى إلى فاعلي الشرور.»
وكانت له قصيدة في الوطنية يقول فيها: «إن أردت خيرا لوطنك فلا تنظر إلى أحد من أبنائه نظرة الغريب، سيان المسلم والهندستاني، والبوذي، والبرهمي، فارعهم جميعا بعين الحب وسو بينهم كما تسوي بين إنساني عينيك.»
Halaman tidak diketahui