Muhalhil Sayid Rabica
المهلهل سيد ربيعة
Genre-genre
فما كاد جساس يسمع صيحة المهلهل حتى وثب قائما، وركز رمحه في الأرض ووجهه ينم عن الغيظ والحقد، وقال يتمتم من بين أسنانه موجها الحديث إلى أخيه: تمتع بفضلات الكرام؟
ثم انصرف وهو يطعن الأرض بسن رمحه حتى غاب وراء الكثبان.
ووقف همام أخوه ينظر في أعقابه حتى غاب عنه وهو يزدرد غيظه، حتى لا يفسد على نفسه متعة اليوم. ثم ذهب نحو صديقه ليشاركه فيما هو فيه، فسمعه يسأل العبد: ومتى عاد كليب من صيده؟
فقال العبد في خضوع: حضر الساعة ومعه الصيد، فسأل عنك حتى علم بأنك خرجت منذ الصباح، فأعطاني هذا وأمرني أن ألتمسك حيث تكون لتذوق من صيده.
فصاح المهلهل في حماسة : «أنعم مساء يا كليب! إنك لتذكر على البعد زير النساء.»
ثم ضحك وشاركه همام في ضحكه قائلا: كليب للصيد والحرب، وأما المهلهل ...
ولم يتم همام قوله لأن المهلهل صاح ضاحكا يتم له كلمته: والمهلهل للمجون والشراب.
ثم علا ضحكهما وأقبلا على الوعل يساعدان العبد في سلخه وإعداده للطعام.
الفصل الرابع
لم يجد كليب استراحة إلى الإقامة في منازله، ولم يكن في ثورة نفسه يرتاح إلى النزهة في روضته، وعاف الطعام فكان لا يصيب منه إلا إذا ألحت عليه جليلة، ثم لا ينال منه إذا أكل إلا اليسير. وعاف الشراب ومجالسة الندمان، وخيل إليه أن الجو الذي حوله كله يأتمر به ويخادعه. فكان لا يجد راحة إلا في الفلوات، يضرب في كبدها ويغرق شجونه في السير الطويل والركوب العنيف، حتى تمنى لو صارت الحرب لكي يجد في ضجة معامعها ما يبعد عنه تلك الوساوس التي ساورته، وكان الصيد أحب ما يخرج إليه، فكانت مطاردة الوحش لا تدع فراغا لهواجس غضبه المكتوم، تلك الهواجس التي كانت تزدحم في صدره حتى يضيق به كلما خلا إلى نفسه. فكان يخرج إلى الصيد فيقضي فيه يوما أو أياما، ثم يرجع حينا قصيرا فلا يلبث إلا قليلا، ثم يعود إلى الفلوات يلتمس فيها التفريج عن قلبه المكروب.
Halaman tidak diketahui