Mughalatat Mantiqiyya
المغالطات المنطقية: فصول في المنطق غير الصوري
Genre-genre
ذلك أننا إذ نمارس التفكير العلمي والنقدي إنما نمضي ضد مقاومة شديدة ونسبح ضد تيار عارم من التحيزات المتأصلة والأوهام الجبلية، ونتجشم اجتياز العديد من العوائق «الطبيعية» التي تحول بيننا وبين التفكير الواضح: فنحن بطبيعتنا لا نتحمل الغموض ولا نطيق معايشة السر! وإن بنا نزوعا طبيعيا إلى طلب اليقين حيث لا يقين، والتماس الإجابات البسيطة عن الأسئلة المعقدة، وشغفا بالدعاوى العريضة و«نظريات كل شيء» محمولة على ظهر بينة ضامرة هزيلة، وميلا إلى الأخذ بالفرضيات التي ترضي رغائبنا وتدغدغ أمانينا، والالتفات إلى أضغاث من الأمثلة التي تؤيد فرضيتنا وغض الطرف عن تلال من الأمثلة المفندة، وإلى تذكر الرميات الصائبة وتناسي الرميات الخائبة، وإلى أخذ الاستعارات التوضيحية والتشبيهات المقربة مأخذ الدليل، وإلى الانضواء مع القطيع والتلفع بالرايات والانضمام إلى «الزفة»، وإلى قتل الرسل بدلا من تفنيد الرسالة، وإلى التخلص من عبء البرهان وإلقائه على عاتق الخصم، وإلى الاستدلالات الدائرية وتحصيلات الحاصل، وإلى التعويل الزائد على السلطة والانبهار الزائد بالمشاهير، وإلى التعميم الكاسح المتسرع، وإلى تحويل التعاقب أو الاقتران إلى علية، ... إلى آخر تلك الأغاليط التي نغرق فيها إلى الأذقان، والتي يتناولها هذا الكتاب بالتحليل والدرس.
يمضي التفكير النقدي ضد هذه المقاومات الشرسة، فيحتاج إلى طاقة نفسية كبيرة، غير مقصورة على الذكاء الذهني المحض ... يحتاج إلى شيء من «الذكاء الانفعالي»
emotional intelligence : إلى التسامح، والتعاطف، و«المواجدة»
empathy
أي قدرة المرء على أن يضع نفسه موضع الآخر، ويرى الأمور من وجهة نظر الآخر، ويتخذ الإطار المرجعي للآخر، القدرة على اكتشاف «ماذا يشبه أن يكون»
what it is like
أن يعتقد المرء تلك الأفكار التي يضعها موضع التساؤل
8
قبل أن يهم بتقويضها.
إنها رحلة طويلة شاقة، ليس لها خرائط محددة، غير أننا لا نعدم بعض المبادئ المرشدة:
Halaman tidak diketahui