فلهذه العلل بدؤوا في ترتيب طبائع البروج بالنار ثم بالأرض ثم بالهواء ثم بالماء وقالوا الحمل يدل على النار والثور يدل على الأرض والجوزاء يدل على الهواء والسرطان يدل على الماء وكذلك سائر البروج في الدلالة على هذا الترتيب الفصل الخامس يذكر فيه لم بدؤوا بالحمل من سائر البروج
قال قوم إذ كان الدور لا رأس له فلم بدؤوا بالحمل وجعلوه أول البروج فقلنا لما كانت الأركان المفردة أربعة وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فإذا تركبت هذه الأربعة المفردة فإن بعضها يدل على الكون وبعضها يدل على الفساد وكان بعض أوقات السنة يتكون ويحدث فيه الأشياء وبعضها يفسد فيه جعلوا الابتداء من البرج الذي إذا حلته الشمس كانت طبيعة ذلك الزمان موافقة لطبيعة الركن المركب الدال على ابتداء الكون والنشوء والحداثة والصبا فأما هذه الأركان الأربعة المفردة فإن اثنين منها فاعلان وهما الحرارة والبرودة واثنان منفعلان وهما اليبوسة والرطوبة وكل واحد من الفاعلين إنما يظهر فعله في الكون والفساد في أحد المنفعلين فالحرارة متى فعلت في الرطوبة كان منهما الحركة والكون والنمو والحياة وهذا موافق لطبيعة الهواء وأيضا فإن الحرارة متى فعلت في اليبوسة كان منهما الجماد والسكون والموت وهذا موافق لطبيعة النار وأيضا فإن البرودة متى فعلت في الرطوبة كان منهما البقاء والاعتدال وهذا موافق لطبيعة الماء وأيضا فإن البرودة متى فعلت في اليبوسة كان منهما الفناء والإفراط في الردائة وهذا موافق لطبيعة الأرض فالذي يدل من هذه الأربع المركبة على الحركة والكون والنمو والحياة إنما هو تركيب الحرارة والرطوبة
Halaman 204