والحجة الرابعة أن الأشياء الواجبة فيها قوة واحدة أي أنها تكون اضطرارا أو الأشياء الممتنعة فيها أيضا قوة واحدة أي أنها لا تكون البتة وقد نرى أشياء كثيرة فيها قوتان أن يكون الشيء كما هو وأن لا يكون مثل الثوب الصحيح الذي إن ترك على حاله بقي حتى يبلى على الأيام وإن قطع قبل التقطيع وكالحديد والرصاص وسائر ما كان مثلهما إن تركا بقيا جامدين وإن أذيبا قبلا الإذابة ويقبلان إذابة أقل أو أكثر من غيرها وكذلك الهواء قد يقبل الحر أو البرد القليل والكثير فقد تبين أن الممكن موجود وهو على ثلاث جهات إحداهن طبيعي وهو يسير وذلك كرجاء المطر عند استواء السحاب المخيل في الشتاء فإن هذا إمكانه أن يكون منه مطر أكثر من أن لا يكون والأخرى بالأمنية وهو عسير وذلك كطمع بعض السفل والمساكين من الناس في إصابة الملك والشرف فمثل هذا إمكانه أن لا يكون ملكا أكثر من أن يكون فإن كان ملكا فإنما يكون بعرض قوي والثالثة الممكن المستوي وهو ما يكون بالفكر وذلك كرجاء المرأة الحبلى أن تلد ذكرا فإنه ليس رجاؤها لذلك بأقوى من خوفها أن تلد أنثى والممكنات منها ما يظهر في الأجسام لقبولها للشيء وخلافه وذلك كالماء الذي يمكن أن يكون باردا ثم يسخن ويقبل بردا أقل أو أكثر من برد وسخونة أقل أو أكثر من سخونة ومنها ما يكون بالفكرة واختيار شيء من شيء آخر وذلك كالإنسان الصحيح الجوارح فإنه يمكنه أن يتفكر في أن يقوم وأن لا يقوم وأن يتكلم وأن لا يتكلم وأن يلتفت وأن لا يلتفت ثم يختار أحدهما ويفعله لما في النفس من قوة الفكرة فيه والاختيار لأحدهما ولما في الجسم من الإمكان لقبول الفعل
Halaman 118