129

Mudkhal Kabir

Genre-genre

واعلم أن ماء المد إذا بلغ إلى بعض المغائض أو الجزائر أو أرجل البحار فربما رجع عند الجزر ماء المد كله إلى البحر وربما رجع بعض ذلك وربما رجع إلى البحر عند الجزر أكثر من ماء المد الذي كان خرج من البحر لأن المد إذا بلغ إلى بعض المغائض أو إلى بعض أرجل البحار ولم يحتبس ماء البحر في المواضع التي يصير فيها رجع ماء المد كما هو إلى البحر فإن احتبس في بعض المواضع منه شيء رجع إلى البحر بعض ماء المد وإذا كانت تلك المغائض أو أرجل البحار التي يبلغها ماء مد البحر تنصب إليها مياه من أودية وأنهار مختلفة من غير ماء البحر فإنه يحدث الجزر معه من تلك المياه التي انصبت في تلك المواضع فيكون ماء الجزر في ذلك الوقت أكثر وأقوى وأغلب من ماء المد الفصل السابع في أن القمر هو علة المد والجزر والرد على من خالف ذلك

إن قوما أنكروا أن يكون القمر وطلوعه ومغيبه وبلوغه المواضع التي ذكرنا هو علة المد والجزر وقالوا إن من طبع البحر أن يتنفس من ذاته فإذا تنفس البحر كان المد وإذا لم يتنفس كان الجزر وسواء في ذلك طلوع القمر ومغيبه وليس القمر علة لهما وقالوا أيضا لو كان القمر علة المد والجزر لكان يجب أن تكون الأودية والأنهار والعيون تمد وتجزر

فاحتججنا على من زعم ذلك بأربع حجج إحداها أنا قلنا لو كان المد والجزر إنما يكون بطبع البحر وتنفسه لكان ماء المد أبدا على حالة واحدة معلومة لا يزيد ولا ينقص ولا يكون في وقت أقوى ولا أغلب من وقت آخر ولا تختلف أوقات ابتدائهما وانتهائهما لأن فعل الأشياء الطبيعية لا تختلف ولا يتغير عن حاله التي تكون عليها ونحن نرى خلاف ذلك كله لأنا ربما نرى ماء المد في وقت أقوى وأغلب منه في وقت آخر وربما رأيناه أضعف وإنما يكون اختلاف حالات المد على قدر اختلاف حالات القمر كما وصفنا وقد نرى المد أيضا في بعض الأوقات يبتدئ في أول النهار وفي وقت آخر على ساعة تمضي من النهار ثم تختلف حالات ابتداء المد والجزر ونهايتهما على قدر اختلاف طلوع القمر ومغيبه وسائر حالاته فعلمنا أن القمر هو علة المد والجزر وعلة سائر حالاتهما

Halaman 314