وذلك موجود في بحر فارس وبحر الهند كما يذهب إلى الصين وفي بحر الصين وفي كل جزيرة فيما بين هذه المواضع وفي البحر الذي بين قسطنطينية وإفرنجة وفي جزائره فأما أوقات المد والجزر في كل يوم وليلة فإنه إذا بلغ القمر أفقا من آفاق البحر أعني مشرقا من مشارق البحر وعلاه حرك بطبعه ولقربه منا ماء البحر فابتدأ الماء مقبلا مع القمر زائدا فلا يزال كذلك إلى أن يصير القمر إلى وسط سماء ذلك الموضع فعند ذلك ينتهي المد منتهاه فإذا انحط القمر من وسط سمائه جزر الماء ورجع إلى البحر فلا يزال كذلك راجعا إلى أن يبلغ مغربه فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المد هناك في المرة الثانية فلا يزال مقبلا زائدا إلى أن يصير القمر إلى وتد الأرض فحينئذ ينتهي المد منتهاه في المرة الثانية في ذلك الموضع ثم يبتدئ في الجزر والرجوع في المرة الثانية فلا يزال يجزر ويرجع الماء إلى البحر حتى يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع فيعود المد إلى مثل ما كان عليه أولا فيكون في كل يوم وليلة ومقدار مسير القمر فيهما في كل موضع من مواضع البحر مدان وجزران لأن القمر إذا كان في يوم من الأيام في درجة من درج الفلك ثم طلع على موضع من البحر ابتدأ المد في ذلك الموضع من البحر فإذا صارت تلك الدرجة في أفق ذلك الموضع بعد ذلك بيوم فإن القمر يكون قد زال عن تلك الدرجة بمقدار مسيره المعدل في اليوم والليلة فيطلع عليهم بعد طلوع تلك الدرجة بمقدار سيره في ذلك اليوم والليلة
ولأن الأرض مستديرة والبحر محيط بها على استدارتها والقمر يطلع عليها كلها في مقدار اليوم والليلة وفي مقدار سيره فيهما فإذن كلما تحرك الفلك درجة صار موضع القمر أفقا لموضع من مواضع البحر وصار ذلك الموضع أيضا وسط سماء لموضع آخر ومغربا لموضع آخر ووتد أرض لموضع آخر وفيما بين كل وتد من هذه الأوتاد على حالة أخرى لبعض المواضع فيكون إذن في البحر في وقت واحد في بعض المواضع ابتداء المد وفي غيره من المواضع ابتداء الجزر وفي موضع آخر حالة أخرى للمد والجزر
Halaman 266