94

Catatan Saya

مذكراتي

Genre-genre

وقد جرت بعد ذلك محادثات عدة بين عمرو باشا، ورجال وزارة الخارجية الإنجليزية أثناء مرض مستر بيفن، وكان مستر أتلي يتولى الشئون الخارجية، فلما قابله عمرو باشا وجده محنقا على الحالة التي وصلت إليها المفاوضات مع مصر، ولم يخف عمرو باشا أن مجلس الوزراء البريطاني مصمم على ألا يتراجع عن مشروعه الأخير، الذي قدمه ستانسجيت والسفير البريطاني، وقال عمرو باشا في رسالته التي بعث بها إلينا، إن النية كانت منصرفة إلى قطع المفاوضات مع مصر، وقد تجلى ذلك على ألسنة موظفي وزارة الخارجية، فلما وجد عمرو باشا هذه الروح، رأى من المصلحة أن يسعى لمقابلة مستر بيفن وهو معتكف لمرضه، وقد استعان في ذلك بعلاقاته الشخصية الطيبة معه، وقد قال له مستر بيفن: «أنت ترى أن مجلس الوزراء البريطاني، وفي طليعتهم مستر أتلي قد أصبحوا الآن ضدي في مسألة مصر، وكذلك العسكريون، ولولا أنني رجل قد اختمرت في رأسه فكرة أعمل لتحقيقها لما كان هناك مندوحة من قطع المفاوضات، وترك هذه المسألة، ولكني أرى أنه من مصلحة مصر وإنجلترا معا أن يقوم بينهما تفاهم؛ ولذلك أرجوك أن تتصل بصدقي باشا، وتبلغه هذا الحديث، ورجائي أن تكون رسول سلام وتوفيق، وإلا ضاع كل شيء.»

فلما قال له عمرو باشا: إن الجانب المصري مصمم على ما قدمه وأبداه، قال : «إن التصميم لا معنى له ولا جدوى فيه، والمسائل الكبرى لا تعالج بهذه الروح ولا على هذا الشكل ...» ثم قال: إنه قد بلغه أن مستر أتلي ذكر أن سنوات الجلاء يمكن إنقاصها من خمس سنوات إلى أربع!

وفي زيارة ثانية من عمرو باشا لمستر بيفن وجد عنده أحد محاميي وزارة الخارجية البريطانية - ولم يكن مستر بيكيت - فتحادث الثلاثة في شئون المفاوضات، التي انحصرت الآن في المادة الثانية فيما يتعلق بالمعاهدة ذاتها، وتفاهموا على النص الآتي لهذه المادة:

اتفق الطرفان الساميان المتعاقدان في حالة ما إذا أصبحت مصر، أو البلاد المتاخمة لها محل اعتداء مسلح - على أن يقوما بالتعاون الوثيق فيما بينهما بالعمل الذي تتبين ضرورته، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لإعادة السلم إلى نصابه.

واتفق الطرفان الساميان المتعاقدان في حالة تهديد سلامة أية دولة مجاورة لمصر، على أن يتشاورا بقصد القيام بالعمل الذي تتبين ضرورته، وذلك حتى يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لإعادة السلم إلى نصابه.

ثم قال عمرو باشا إن مستر بيفن صرح له بأن هذه الصيغة هي النتيجة المباشرة لمساعيه التي يقصد بها التقريب ما أمكن بين وجهات النظر المصرية البريطانية، وكان من شأن هذه الرغبة الصادقة إبقاء النص الخاص بالبلاد المتاخمة.

وفيما يختص بالبلاد المجاورة إذا تعرضت لخطر الحرب تكون العلاقة بين الحليفتين مقصورة على التشاور، وهذا التشاور لا ينطوي على التزامات جبرية، ولا يترتب عليها دخول الجيوش البريطانية مصر في غير حالات الاعتداء عليها.

ثلاث سنوات

وقال مستر بيفن عن مدة الجلاء: إنه سيأخذ على عاتقه أن تكون ثلاث سنوات لا خمسا - كما طلب أول الأمر - ولا أربعا - كما قال مستر أتلي، وهنا قال لعمرو باشا: «لا تظن أن الغرض من هذا كله كسب سنة، إن المسألة أهم من ذلك كثيرا، إننا في الواقع نجتاز مرحلة دقيقة يتهددنا فيها الخطر الروسي تهديدا شديدا، والمسألة حياة أو موت لنا ولكم، فليس من مصلحة مصر مطلقا في هذه المرحلة أن تكون خالية من الجيوش التي تدافع عنها وعن أنفسنا، وهذا ما قصدت إليه حين قلت: إننا لا نستطيع أن نترك وراءنا فراغا

vacuum »، ثم قال: «إنني سمعت أنكم تريدون الذهاب إلى مجلس الأمن، ولا مانع عندي إن اخترتم هذا الطريق، ولا أشعر بالحرج مطلقا أن أذهب بهذه القضية إلى هذا المجلس، فإن عندي حججا قوية أستطيع الإدلاء بها.

Halaman tidak diketahui