Memoir Seorang Gadis Bernama Suad
مذكرات طفلة اسمها سعاد
Genre-genre
ولم تنقطع سعاد عن الصلاة بعد النجاح، حتى لا يظن الله أنها كانت تصلي من أجل الامتحان فقط، وواظبت على الدعاء أيضا، ترفع يديها عاليا وتقول: أشكرك يا رب لأنك نجحتني.
ويناديها أبوها لتسلم على الضيوف، وتتلقى سعاد التهاني، لكن قلبها ثقيل وإحساس غامض يساورها بأن الذي نجح في الامتحان ليست هي، وإنما الله، أو مندوب من عند الله على شكل ملاك هبط من السماء وأجاب عن الأسئلة أو لقنها الأجوبة، وحينما يهنئها أصدقاء أبيها بالنجاح يخيل إليها أنها لا تستحق التهنئة ولا تستحق الهدية ولا تستحق أي شيء، وينتابها إحساس بالمهانة والضآلة، ودمعة كبيرة تزحف عند زاوية عينها، تبتلعها بسرعة قبل أن يراها أحد، ثم تبتسم لأصدقاء أبيها متظاهرة بالسعادة، متخوفة أن يكشف أحد منهم ما يدور في عقلها.
وكان يدور بعقلها أسئلة كثيرة لا تجد الإجابة عليها، وكان السؤال الذي شغل بالها ذلك الوقت هو: إذا كان الله هو الذي قرر نجاحها أو سقوطها، فهل تستحق العقاب إذا سقطت؟ وهل تستحق الهدية إذا نجحت؟
وقال لها أبوها إن الله يقرر السقوط والنجاح، ويقرر الخير والشر، ولكنه أعطى الإنسان عقلا ليميز به بين الشر والخير، وتساءلت سعاد: ما فائدة أن يفكر الإنسان ويختار الخير مثلا إذا كان الله قد قرر له الشر؟ وهل يمكن أن يفعل الإنسان الخير ضد إرادة الله؟ وقال أبوها أن الله لا يقرر الشر إلا للأشرار، أما الأخيار فالله يقرر لهم الخير، وقالت سعاد إن الله هو الذي يخلق الأشرار ويخلق الأخيار، وهل يمكن للأشرار أن يصبحوا أخيارا ضد إرادة الله؟ وقال أبوها إن لا شيء في الكون يمكن أن يحدث بغير إرادة الله، وتساءلت سعاد: لماذا يعاقب الله الأشرار إذا كان هو الذي خلقهم أشرارا، وهو الذي قرر لهم الشر؟
وارتفع صوت أبيها في شيء من الغضب وقال: هذه هي حكمة الله في خلقه وهو حر في عباده، يعطي الرزق لمن يشاء ولا يعطي من يشاء، ويعطي الهداية لمن يشاء ويعطي الضلال لمن يشاء، كل شيء بمشيئته وهو العليم الحكيم.
ورغم ارتفاع صوت أبيها وغضبه إلا أن سعاد ظلت عاجزة عن الفهم، وظل عقلها غير قادر على الاقتناع بأن الأشرار يستحقون دخول النار وهم لا يد لهم في أي شيء، والأخيار أيضا لا يستحقون دخول الجنة بالمثل؛ لأن الله هو الذي جعلهم أخيارا وهم لم يجعلوا أنفسهم أخيارا.
وازداد ارتفاع صوت أبيها وبدأت حمرة الغضب تشوب بياض عينيه، وهو يقول لها إنه لا بد أن تطرد الشيطان من عقلها وروحها، ولا بد أن تؤمن بحكمة الله كما هي ولا تحاول أن تتشكك في حكمة الله، فالله هو الذي خلق الإنسان، والخالق أعظم من المخلوق، ولا يمكن للمخلوق أن يسأل الخالق عن سر حكمته، والله وحده هو العليم بالأسرار، وعليها أن تؤمن بالله وحكمته إيمانا لا يزعزعه أي شك، والإيمان القوي بالقلب وليس بالعقل؛ لأن عقل الإنسان عاجز عن إدراك قدرة الله سبحانه وتعالى.
وتركت سعاد السؤال معلقا في عقلها بغير جواب، وسرعان ما نسيته ولم تعد تفكر فيه، وكلما وقفت بين يدي الله لتصلي سرت فوق جسدها قشعريرة الخوف أو الرهبة، ولا تعرف هل قرر الله لها دخول الجنة أم دخول النار، وهل سيجعلها من الأخيار أم من الأشرار، وفي بعض الأحيان كانت ترفع يديها إلى أعلى وتسأل الله عما قرر لها في حياتها، ويخيل إليها أنها تسمع صوتا يهمس لها، ولا تعرف أهو صوت الله أم صوت الشيطان، ومن شدة الخوف لا تسمع ماذا يقول لها الصوت، وتنهي الصلاة بسرعة لتتخلص من الخوف.
وفي صباح يوم رأت أمها تبكي بصوت مكتوم، وقد ارتدت ثوبا أسود، وعرفت أن جدها مات، وخيل إليها أنه مات لأنه كان يشرب الخمر كثيرا وأنه سيدخل النار، لكن أمها قالت لها إنه شرب الخمر في شبابه ثم تاب إلى الله، وكان يصلي في أواخر أيامه، وسوف يدخل الجنة، وحمدت سعاد الله بينها وبين نفسها لأن جدها لن يدخل النار، ولم تكن تحب أن يحترق أي واحد من أقاربها في النار.
وظلت أمها مرتدية الثوب الأسود أربعين يوما، والراديو أيضا أغلقته، ولم تعد تسمعها تضحك بذلك الصوت العالي الذي كان يصل إلى أذنيها حتى وهي في الحقل، إلا أن كل شيء عاد إلى ما كان عليه بعد أربعين يوما، وخلعت أمها الثوب الأسود، وعادت ضحكتها ترن في البيت.
Halaman tidak diketahui