دخلت إلى القاعة الفسيحة، ورأيت الأنوار تتلألأ براقة، والمدعوين يرتدون ملابس مكوية منشاة، ووجوها رسمية مشدودة.
وجابت نظراتي في المكان الواسع وبين الناس الكثيرين كأنما تبحث عن شيء، ورأيت الرجال يختلسون النظر إلى النساء، والنساء يختلسن النظر إلى الرجال، ومشيت بين المدعوين أهز رأسي لاهتزازات رءوسهم كما تهز الدمية رأسها من فوق الزنبرك.
وفجأة ساد الهرج بين المدعوين ورأيتهم يندفعون ويتدافعون ويلتفون حول رجل قصير بدين، الكل يريد أن يمشي إلى جواره، الكل يريد أن يظهر في الصورة معه، الكل يريد أن يظهر على شاشة التليفزيون بالقرب منه، الكل يريد أن يذكره بوجهه وصوته ووجوده.
تركت الزحام ووقفت في ركن هادئ، والتفت إلى جانبي فرأيت رجلا واقفا؛ رجلا عاديا، يلبس ملابس عادية، ويقف وقفة عادية، ليس قصيرا وليس طويلا، ليس نحيلا وليس بدينا، ولكني أحسست أن شيئا غير عادي يحيط به؛ لعل ملامحه كانت طبيعية مريحة بخلاف تلك الملامح المشدودة المنشاة، لعله كان أنيقا بالرغم من بساطته، لعله كان مترفعا عن الالتفاف حول ذلك الرجل، لعله ... لعله ...
والتفت ناحيتي، والتقطت عيناه عيني، وشعرت بهزة غامضة في أعماقي، وابتسمت عيناه ابتسامة خفيفة غامضة.
وقال بصوت فيه الكثير من حركة عينيه: إنهم يجرون خلفه!
وسألته في بساطة: لماذا؟
قال: إنه رئيس الهيئة.
وظل يتأمل الناس لحظات وفي عينيه نفس الابتسامة الخفيفة الغامضة؛ أهي نظرة إشفاق أم سخرية؟ أهي نظرة احترام أم استخفاف؟ لم أعرف!
والتفت ناحيتي مرة أخرى، ونظر في عيني مدققا ثم قدم لي نفسه في بساطة وطبيعية، فقدمت له نفسي على نحو ما فعل.
Halaman tidak diketahui