عالمي الصغير الذي كنت أبنيه من الكراسي والعرائس وأنا طفلة صغيرة أصبح حقيقة واقعة، في جيبي مفتاحه السحري العجيب، أدخل متى شئت وأخرج متى شئت بلا إذن من أحد. أنام في سرير وحدي بلا زوج، أتقلب كما أشاء من اليمين إلى الشمال، ومن الشمال إلى اليمين، وأتمرغ كما يحلو لي.
أجلس على مكتبي لأكتب أو أقرأ، أو لأتأمل وأفكر، أو لا أتأمل ولا أفكر ولا أفعل شيئا على الإطلاق.
أنا حرة، حرة تماما في عالمي هذا الصغير، أغلق علي بابي وأخلع عني حياتي المزيفة مع الناس، وأخلع معها حذائي وأتجرد من ملابسي وأتجول في بيتي كما أشاء.
أنا وحدي ... وحدي تماما ... في بيتي، لا أسمع أصواتا ولا أنفاسا، ولا أرى وجوها ولا أجسادا.
لأول مرة في حياتي ينزاح عن قلبي عبء ثقيل؛ عبء العيش في بيت يشاركني فيه أحد. •••
فتحت عيني في منتصف الليل على دقات قلبي تدب في صدري دبيب جيش مفلول، وأنفاسي تصر تحت ضلوعي صرير ساقية خربة، وعيناي مفتوحتان ولا تريان إلا سوادا، وأذناي تطنان في سكون رهيب ميت، وشعرت بالخوف، كأنما خفت أن يتوقف قلبي عن الدبيب، وتختنق أنفاسي مع الصرير، ويطفئ الظلام نور عيني، ويضيع سمعي في الطنين.
وحملقت في الظلام أمتحن بصري، وأرهفت أذني في السكون أختبر سمعي، ورأيت كتلة السواد الكبيرة تتمزق إلى كتلة صغيرة، لها رءوس ولها قرون ولها أذناب، ودبت الأصوات في السكوت الميت؛ بعضها همس، وبعضها حفيف، وبعضها عويل.
وأخفيت رأسي تحت الغطاء لأسد عيني وأذني، وتلاشت الأشباح والأصوات، وهدأ الدبيب في صدري وضاع الصرير، وسرى دفء الفراش في أطرافي وأوصالي، فتثاءبت في استرخاء ومددت ذراعي أتحسس النوم، لكن النوم لم يكن هناك. وعانقت ذراعي شيئا آخر، له عينان تشبهان عيني أبي ولكنه ليس أبي، وله شفتان تشبهان شفتي ابن عمي ولكنه ليس ابن عمي. ترى من هو؟ من؟
وبدأ الطيف الذي أرق ليالي صباي يزورني، والليل عاد طويلا، والسرير أصبح واسعا، والوحدة لم تعد ساحرة. •••
أين أجده؟
Halaman tidak diketahui