كانت عرضت لي أفكار من سنين مضت متعلقة بمسألة العلاقات القانونية بين المرء وزوجته، لكن ظروفا خاصة منعت من نشر تلك الأفكار فبقيت في طي أوراقي إلى اليوم، والآن يقال إن لجنة تنقيح قانون الأحوال الشخصية تشتغل في المسألة بجد وتكاد تكون أتمت قسما غير قليل منها، فقد رأيت أن أبعث لكم بهذه الكلمات علكم تنشرونها على صفحات جريدتكم، فإذا حازت قبولا لدى أعضاء اللجنة كنت سعيدا أن خدمت قومي في مسألة تهم كل واحد منا وإن رأوا غير رأيي فالأيام كفيلة أن تظهر النافع، وأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
وفي هذه الكلمة الأولى أقدم مشروعي، وفي الكلمات التالية أعززه وأشرحه، وإني أتقدم لأعضاء اللجنة بهذا المشروع ولي بهم كل الثقة أن سيمحصوا كل فكرة تكون نافعة للبلاد ومتمشية مع روح الشرع الشريف.
إن ما تحس به الأمة من الحاجة الشديدة للإصلاح في هذه الجهة من جهات حياتها، ليدعونا للتفكير فيها ويجعلنا نطالب بتشريع تراعى فيه أحوال البلد الحاضرة، ويكون الغرض منه تقويم عوج اجتماعنا وإصلاح شأنه.
كتاب مفتوح إلى الوزير الجليل ناظر الحقانية
يا سعادة الوزير:
وليت نظارة المعارف فعملت فيها نعم العمل وتركت الأثر الجليل، وأسفت الأمة كلها حين انتقلت منها لنظارة الحقانية، وحق لها أن تأسف إذ كنت عمدتها في إصلاح أبنائها وتربيتهم، على أنا لا نعدم أن نجد في الحقانية مواضع إصلاح كبير يخلد لصاحبه ذكرا باقيا، ويقدم للأمة الأساس الذي تبنى عليه سعادتها.
من القوانين ما يرتب صلات الحكومة مع الحكومية، وهاته أغلب الأحيان، وفي مثل بلادنا قوانين تخلقها ظروف وتقضي عليها ظروف، وتغيرها متى شاءت السلطة القادرة، هاته القوانين نكلها للزمان والحوادث وننتظر بمعوجها أن تعد له الأيام.
ولكن أخرى تنظم صلات الأفراد فيما بينهم، وتدخل إلى بيوتهم وفي غرفهم، وتشكلهم إلى حد كبير يشكلها وتكون عاداتهم وكثير من معتقداتهم، ولا تتغير إلا كل ردح من الزمن، هي التي نطلب إلى الوزير اليوم أن يدخل الإصلاح عليها، تلك هي قوانين الأحوال الشخصية.
نسمع من زمان أن نظارة الحقانية تعد للمحاكم الشرعية قانونا موحدا تسير عليه... لذلك فلا فرصة أنسب من الساعة الحاضرة نطلب فيها تعديل القديم وإصدار تشريع تراعى فيه أحوال البلد الحاضرة، ويكون الغرض منه تقويم عوج اجتماعنا وإصلاح شأنه.
ضج الناس ويضجون من تعدد الزوجات عندنا، يأتون ويشكون من الطلاق ونتائجه... يتألمون من حال العائلة الحاضرة، والكثير منهم يقدر لهذه الأشياء قيمة كبيرة، ويرى في صلاحها الأمل في خير الأمة كما أنها بفسادها اليوم مجلبة شر كبير.
Halaman tidak diketahui