قال المستر ونكل، وقد ارتبك ذهنه كل الارتباك من هذا الحديث غير المألوف: «هل كلفت حمل هذه الرسالة إلي بالاسم؟»
قال: «لم أكن شخصيا حاضرا، وإنما كلفت - بعد أن رفضت رفضا قاطعا أن تقدم بطاقتك إلى الطبيب - أن أتحقق من قبل ذلك السيد من شخصية الرجل الذي كان مرتديا سترة غير مألوفة، ذات لون أزرق خفيف، وزرار مذهب عليه صورة نصفية وحرفان، وهما: «ن.ب».
واضطرب ونكل من الدهشة، وهو يسمع هذا الوصف الدقيق لثوبه.
واسترسل صديق الدكتور سلامر يقول: «وقد اقتنعت من التحقيق الذي أجريته اللحظة في مكان الشراب، أن صاحب ذلك الثوب وصل إلى هنا، مع ثلاثة من السادات، أصيل أمس، فأوفدت في الحال رسولا إلى الرجل الذي وصف لي بأنه رئيس الجماعة، فأحالني في التو واللحظة إليك ...»
ولو أن البرج الأكبر في حصن روشستر زايل فجأة مكانه، وهوى قبالة نافذة قاعة القهوة، لما كانت دهشة المستر ونكل شيئا يصح أن يقارن بدهشته البالغة التي سمع بها ذلك الحديث، وكان أول خاطر قام في نفسه أن الثوب قد سرق، فلم يسعه إلا أن يقول للزائر: «هل تأذن لي في احتجازك لحظة واحدة؟»
فأجابه الزائر الثقيل غير المرحب به: «بلا شك.»
وجرى المستر ونكل مسرعا إلى الطبقة العليا، وفتح الحقيبة بيد راجفة؛ فوجد الثوب كما هو في موضعه المألوف، ولكنه بعد تحقيق دقيق تبين أن عليه آثارا ظاهرة توحي بأنه قد لبس في الليلة الماضية.
قال وهو يدع الثوب يسقط من يديه: «لا بد من أن يكون الأمر كذلك ... فقد أفرطت في النبيذ بعد الغداء، ويخيل إلي أنني ذهبت أطوف الشوارع وأدخن «سيجارا» بعد ذلك ... الواقع أنني كنت سكران ... ولا بد من أنني غيرت ثيابي، وذهبت إلى مكان ما وأهنت أحد الناس ... لا شك في ذلك عندي، وهذه الرسالة هي العاقبة الوخيمة ...»
وعاد المستر ونكل أدراجه إلى قاعة القهوة معتزما عزمة أليمة مرعبة، وهي أن يقبل الدعوة التي وجهها إليه الدكتور سلامر لمبارزته، وليكن من الشر ما يكون.
وقد دفعته إلى اتخاذ هذا السبيل عدة اعتبارات ... أولها: سمعته في النادي، فقد كان منظورا إليه أبدا على أنه حجة عالي الكعب في كل الشئون المتصلة بالتسلية والبراعة الرياضية، سواء الهجومية منها والدفاعية والبريئة، فإذا هو انزوى وتراجع في أول مناسبة يوضع فيها موضع التجربة، أضاع سمعته وفقد مكانته في غير رجعة. وثانيا: أنه تذكر أنه كثيرا ما سمع من المجربين الخبراء بهذه المسائل ونحوها، أن هناك تفاهما بين الشهود، على أن المسدسات في هذه الأحوال قلما تكون محشوة رصاصا، وخطر له أيضا أنه إذا طلب إلى المستر سنودجراس أن يكون شاهده، فقد ينبئ هذا السيد الخبر إلى علم المستر بكوك، وهذا بلا شك لن يضيع وقتا في إبلاغه إلى السلطات المحلية؛ ليحول دون مصرع مريده، أو إصابته بعاهة دائمة، أو جرح بالغ ...
Halaman tidak diketahui