وصاح رب الفندق: «والآن يا أولاد: مركبة وأربعة خيول في الحال، عجلوا، شيئا من الهمة، هلموا.»
وجرى رب الفندق وخدمه سراعا مبادرين، وأنوار «المصابيح» لماحة، وهم يروحون بها ويغدون، وسمعت حوافر الخيل وهي تدق أرض الفناء غير المستوية، وجاءت المركبة من المرابط رجراجة، والمكان يعج جلبة وحركة.
وصاح واردل قائلا: «هيه ... أليست المركبة آتية الليلة؟»
وأجاب رب الفندق قائلا: «إنها تقطع الفناء اللحظة يا سيدي.»
وجاءت المركبة، وشدت الخيل، وفوق صهواتها وثب الأولاد، وفي جوفها دخل الراكبان.
وصاح واردل: «افهموا. سبعة أميال في أقل من نصف ساعة، اجعلوا هذا نصب أعينكم، هيا انطلقوا.»
وأعمل الأولاد السوط والمهماز وسط صراخ الخدم وصاحب الفندق، وانطلقت المركبة سريعة مغضبة هائجة.
وأنشأ المستر بكوك يحدث خاطره، حين وجد لحظة تتسع للتفكير: «موقف حرج للرئيس العام لنادي بكوك، مركبة رطبة، خيل غريبة، خمسة عشر ميلا في الساعة، والساعة الثانية عشرة ليلا!»
ولم يتبادل السيدان كلمة واحدة، خلال الأميال الثلاثة أو الأربعة الأولى، فقد كان كل منهما مستغرقا في أفكاره، منشغلا بهواجسه وخواطره، حتى لا يجد شيئا يمكن أن يقوله لصاحبه، ولكن حين اجتازا هذه المسافة من الرحلة، وبدأت الخيل تستحث وتؤدي مهمتها بشكل حسن، وسرعة معقولة، لم يلبث المستر بكوك أن اغتبط بتلك السرعة إلى حد لم يستطع عنده أن يبقى ملازما الصمت على تلك الصورة، فقال: «أعتقد أننا سنلحقهما بلا شك.»
وأجابه صاحبه: «أرجو ذلك.»
Halaman tidak diketahui