وإن الباعث الشريف الذي حدا بكم إلى تجشم هذه المشقة البعيدة الغاية التي صوبتم إليها سهمكم هو إدراك الغرض الذي وضعتموه نصب أعينكم، ولعلكم لا تجدون ثوابا على هذا العمل الصالح أكبر من هذا الذي تجدونه في نفسكم من الارتياح لإتمام هذا الصنيع الخالد الذي خدمتم به تاريخ الحركة القومية لبلد شغفتم به حبا وعرفتم بصدق الإخلاص له والتفاني في خدمته.
وإذا لم يكن للذين أسعدهم الحظ باقتناء مؤلفكم الثمين والانكباب على قراءته والاستفادة منه من وسيلة إلى جزائكم عليه إلا الشكر، فأنا أول الشاكرين. والسلام عليكم ورحمة الله.
عمر طوسون
11 / 1 / 1931
وأهديته كتاب «عصر إسماعيل»، فجاءني منه الجواب الآتي :
حضرة صاحب العزة الأستاذ عبد الرحمن الرافعي بك
تفضلتم فأهديتم إلينا الجزأين الأول والثاني من كتاب «عصر إسماعيل» وهو الحلقة الثالثة من المؤلف الكبير الذي تعالجونه (سلسلة تاريخ الحركة القومية).
ولقد تصفحنا كثيرا من مباحث هذين السفرين الجديدين واستوعبنا بعض فصولهما وأبوابهما استيعابا جعلنا نلم بهما إلماما ونحيط بهما إجمالا فألفيناهما كثلاثة الأجزاء السابقة التي تفضلتم فأهديتموها إلينا من قبل مفرغين في نفس القالب البديع الذي أفرغتموها فيه متصلة حلقاتهما بتلك السلسلة الذهبية التي تصوغونها صياغة تأخذ بالأبصار.
وقد احتوى هذان السفران على خلاصة ما حدث في عصر إسماعيل بعبارة سهلة جزلة مع العزو إلى المصادر والمراجع وذكر الوثائق والأسانيد فجاء بهذا الصنيع مرآة صافية صادقة جلوتموها للناظرين فتجلت فيها صورة هذا العصر الحافل بالحوادث على حقيقتها. ومن يعرف ما كان يغشى حقائق التاريخ في هذه الحقبة من الأطلية والبهرج تارة، والتشويه والمسخ تارة أخرى، يعرف قيمة صنيعكم ولا يسعه إلا أن يقدر عملكم حق قدره ويثني عليكم الثناء المستطاب، فامضوا قدما في عملكم حتى تتموه على هذا النسق الجميل.
والسلام عليكم ورحمة الله.
Halaman tidak diketahui